مفهوم التراث في الفكر العربي المعاصر
 
إن مفهوم التراث في الفكر العربي المعاصر يبدو واحدا من أكثر المفاهيم تجريدا و إثارة اللبس و الإبهام فنحن لا نستخدم التراث استخداما واحدا  و بالمعنى نفسه دوما و إنما نستخدمه على أنحاء متعددة متفاوتة في الدقة و الوضوح فهو تارة " الماضي" بكل بساطة و تارة العقيدة الدينية نفسها و تارة الإسلام برمته وعقيدته و حضارته و تارة التاريخ بكل أبعاده ووجوده (1) يعرف الجابرى التراث قائلا ( إن لفظ التراث قد اكتسى في الخطاب العربي الحديث و المعاصر معنى مختلفا ومباينا ان لم يكن مناقضا لمعنى مرادفة (الميراث) في الاصطلاح القديم  ذلك انه بينما يفيد لفظ ( الميراث) التركة التي توزع على الورثة و أو نصيب كل منهم فيها أصبح ( التراث) يشير اليوم إلى ما هو مشترك بين العرب أي إلى التركة الفكرية و الروحية التي تجمع بينهم و تجعل منهم جميعا خلفا لسف و هكذا فان كل الإرث أو (الميراث) هو عنوان اختفاء الأب و حلول الابن محله فان (التراث) قد أصبح بالنسبة للوعي العربي المعاصر عنوانا على حضور الأب في الابن حضور السلف في الخلف حضور الماضي في الحاضر ... ذلك هو مضمون التراث الحي في النفوس الحاضر في الوعي (2) فإذا كان التراث هو إنتاج فترة معينة تقع في الماضي و تفصلنا عن الحضارة المعاصرة و الحضارة الغربية الحديثة فانه ينظر إلى التراث على انه شيء يقع هناك (3) إلا أن هذا الذي يقع هناك له حضور فينا الآن و له تأثير عميق في حياتنا فالتراث لا ينبغي نفهم منه ما قد تبث أو جمد عند مرحلة سابقة معينة من مراحل تطور المجتمع الذي ينتمي إليه التراث أو ما اقتصر على أخذه من إحدى الثقافات التي سادت المجتمع في فترة معينة (4) و يرى محمود أمين العالم أن التراث ليس هو التراث المكتوب فحسب

Post a Comment

Previous Post Next Post