ثقافة" باللغة الألمانية
 الوضع الاجتماعي في ألمانيا 
كان المجتمع الألماني - وغيره من المجتمعات الأوربية -  ينقسم إلى ثلاث طبقات عامة : الطبقة الأرستقراطية ونعني بها طبقة النبلاء الذين كانوا يعيشون في بروج عاجية بعيدا عن بقية الطبقات ،و تعتبر هذه الطبقة هي المتنفذة في البلاد وهي التي بيدها  السلطة بمباركة من رجال الدين . أما الطبقة الثانية فهي طبقة البورجوازية ونعني بها الطبقة المتوسطة والمثقفة في ذات الوقت والمستبعدة عن أي عمل سياسي مما غذى لديها شعورا بالمرارة والنقمة على طبقة النبلاء ، ثم طبقة الرعاع أو الطبقة الكادحة " الفلاحين" التي كانت ترزح تحت ظروف سيئة .
التعارض الاجتماعي بين كلمتي " ثقافة " و " حضارة " عند الألمان :  إن التهميش – إن صح التعبير – الذي كانت تعانية طبقة المثقفين من قبل طبقة النبلاء سعى بهم إلى وضع القيم الروحية القائمة على العلم والفن والفلسفة ، وكانوا يعيبون على طبقة النبلاء إهمالهم لهذه القيم وتكريس جل وقتهم لاحتفالات البلاط ، ومحاكاتهم للنموذج الفرنسي في ذلك ، مما مهد لظهور التعارض بين منظومتي القيم السابقة ، فكل ما ينشأ عن الأصالة ويساهم في الإغناء الفكري والروحي سيعتبر ناجما عن الثقافة ، أما المظاهر البراقة والخفة والتهذيب السطحي فينتمي إلى الحضارة ، وهكذا فقد كانت الطبقة المثقفة تنظر لطبقة النبلاء على أنها طبقة متحضرة ولكن ليست مثقفة ! .  وعبر عدة أحداث متلاحقة تعدى هذا التعارض من مجرد كونه تعارض اجتماعي إلى تعارض وطني أو قومي .
تأثير الثورة الفرنسية على انحسار مصطلح " حضارة " عند الألمان : بعد اندلاع الثورة الفرنسية[1] ، أصبح إطلاق كلمة " حضارة " تذكر بفرنسا والقوى الغربية بشكل واسع ، مما جعل كلمة " ثقافة " تتحول من كونها علامة مميزة للبورجوازيين إلى علامة مميزة للأمة الألمانية كلها .
وفي أعقاب هزيمة الألمان أمام قوات نابليون[2] شهد الوعي الألماني انبعاث النزعة القومية الألمانية التي لم تقتصر على التشديد على أصالة الثقافة الألمانية ، وإنما على تفوقها أيضا .


[1] اندلعت في أواخر القرن الثامن عشر
[2] نابليون بونابرت : قائد عسكري وإمبراطور فرنسي ، كانت له نجاحات عسكرية  كبيرة وحكم أوروبا بأسرها تقريبا ، انتهت حياته بهزيمة عام 1815 ونفيه بعدها إلى جزيرة سانت هيلينيا حيث مات بسرطان المعدة . 

Post a Comment

Previous Post Next Post