ميراث الغرقى والهدمى والحرقى ونحوهم

معناها :
-         يقصد الفرضيون بهذه المسألة : كل جماعة متوارثين ماتوا بحادث عام ؛ كالطاعون والغرق ، والهدم ، والحريق والمعارك الحربية وحوادث السيارات ..... .

احوال الهالكين في هذه المسألة :
-         لايخلو الهالكون في هذه المسألة من خمسة أحوال ؛ هي :
الحالة الاولى :
-         ان نعلم ان احدهم مات قبل الاخر ؛ فهنا يرث المتأخر من المتقدم بلا خلاف ؛ لتحقق حياة الوارث بعد موت المورث .
الحالة الثانية :
-         ان يعلم انهم ماتوا جميعا  في آن واحد ؛ فهنا لاتوارث بينهم بالاجماع ؛ لأن من شروط الارث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث ، وهذا الشرط مفقود هنا .
الحالة الثالثة :
-         ان يجهل واقع موتهم فلا يدري أماتوا جميعا في وقت واحد ، أم تأخر بعضهم عن بعض .
الحالة الرابعة :
-         أن يعلم تأخر موت أحدهم عن الاخر من غير تعيين المتقدم منهم عن المتأخر .
الحالة الخامسة :
-         ان يعلم السابق على التعيين ثم ينسى لطول مدة ونحوذلك .
-         فهذه الحالات الثلاث الاخيرة محل خلاف بين أهل العلم على قولين :














القول الاول :
-         لاتوارث بينهم مطلقا في هذه الحالات الثلاث ، ومال كل واحد منهم لباقي ورثته الاحياء
-         ( جمهور الصحابة والتابعين ، الحنفية ، المالكية ، الشافعية ، احمد ) .
-        ادلتهم :
·       قضاء الصحابة في قتلى اليمامة ، وموتى طاعون عمواس ، وفي قتلى الجمل وصفين ؛ فقد روى مالك بسند صحيح : ( أنه لم يتوارث من قتل يوم الجمل ويوم صفين ويوم الحرة ، ثم كان يوم قديد فلم يورث أحد من صاحبه شيئا ، الا من علم انه قتل قبل صاحبه ) .
·       عن خارجه بن زيد : ( ان ابا بكر قضى في اهل اليمامة مثل قول زيد بن ثابت ؛ ورث الاحياء من الاموات ، ولم يورث الاموات بعضهم من بعض ) .
·       عن زيد بن ثابت قال : ( كل قوم متوارثين عمي موتهم في هدم أو غرق فانهم لايتوارثون يرثهم الاحياء ) .
·       ان من شروط استحقاق الارث : تحقق وجود الوارث على قيد الحياة بعد موت المورث ، وهذا الشرط غير متحقق هنا ، والميراث لايبنى على الشك .

القول الثاني :
-         انهم في هذ الحالات الثلاث يرثون من بعض بشرط : ألايختلف الورثة ؛ فيدعي كل منهم تأخر موت مورثه ، وليس هناك بينة شرعية ، فان وقع ذلك تحالفوا ، ولاتوارث بينهم .
-         فان اتفق الورثة جميعا على القول بجهل المتقدم من المتأخر ؛ فهنا يرث كل منهما من الاخر من تلاد المال ( ماله القديم الذي كان يملكه قبل موته ) دون طريفه ( وهو ماله الجديد الذي ورثه ممن مات معه في الهلاك ) . قول ( عمر ، علي ، الصحيح من مذهب الحنابلة ) .
-        ادلتهم :
·       مارواه الشعبي : ان عمر بن الخطاب لما وقع الطاعون بالشام عام عمواس ، فجعل اهل البيت يموتون عن آخرهم ، فكتب بذلك الى عمر ، فكتب عمر : أن ورثوا بعضهم من بعض .
·       مارواه الشعبي : ان عمر وعلي قضيا في القوم يموتون جميعا ، لايدري أيهم يموت قبل ؛ أن بعضهم يرث بعضا .
·       ان الاصل حياة كل منهما ، وموته بعد صاحبه مشكوك فيه ، فلا يترك اليقين لأمر مشكوك فيه

الراجح :
-         لاتوارث بينهم ، لكون التحقق من حياة الوارث بعد موت مورثه غير متيقن هنا ، فواقع الموتى مجهول ، والميراث لايثبت مع الشك .
-         ثم ان القول بتوريثهم من بعض فيه تناقض ظاهر ؛ لكون القائلين بتوريثهم يفرضون ان احدهم مات أولا ، ثم يقسمون المسألة ، ثم يعكسون ؛ فيفرضون ان الاخر مات اولا ويقسمون المسأله ، فيكون الواحد منهم متقدما على الاخر في الوفاة متأخرا عنه وهذا محال .




-         اما ماروي عن بعض السلف انه ورثهم من بعض ، فهي وقائع لاتثبت ، والثابت عن جمهور الصحابة والتابعين عدم توريث الغرقى ونحوهم من بعض .
·       قال ابن شهاب : ( مضت السنة بان يرث كل ميت وارثه الحي ولايرث الموتى بعضهم من بعض ) .
·       قال الامام مالك بن أنس : ( وذلك الامر الذي لااختلاف فيه ولاشك عند احد من اهل العلم ببلدنا ، وكذلك العمل في كل متوارثين هلكا بغرق أو قتل أو غير ذلك من الموت ، إذا لم يعلم ايهما مات قبل صاحبه لم يرث احد منهما من صاحبه شيئا ، وكان ميراثهما لمن بقي من ورثتهما ؛ يرث كل واحد منهما ورثته من الاحياء )
·       قال ابن قدامه : ( .. توريث كل واحد منهما خطأ يقينا ؛ لأنه لايخلو من ان يكون موتهما معا ، أو سبق أحدهما به ، وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينا مخالف للاجماع . ) .  




Post a Comment

Previous Post Next Post