قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام
أي أن الشارع قصد في أحكامه الشرعية أن تكون مفهومة للمكلفين كي يتسنى لكل مكلّف فهم المقصود من التكليف, وهذا الفهم إنما يكون إذا سلّمنا بأمرين اثنين:
الأول : أن هذه الشريعة المباركة جاءت بلسان عربي.      
         الثاني : أن هذه الشريعة المباركة أميّة.
أما علاقة المسألتين بمقاصد الشريعة فهي أن الفهم السليم للنصوص الشرعية لا يكون إلا من جهة لسان العرب لقوله تعالى} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{ }ِبلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ{وذلك للخاصية الموجودة في لسان العرب من حيث الألفاظ والأساليب والمعاني, فالعرب "فيما فطرت عليه من لسانها, تخاطب بالعام يراد به ظاهره, والظاهر يراد به غير الظاهر, وكل ذلك يعرف من أول الكلام أو وسطه أو آخره, وتتكلم بالكلام ينبئ أوله عن آخره, أو آخره عن أوله, وتتكلّم بالشيء يعرف بالمعنى كما يعرف بالإشارة, وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة, والأشياء الكثيرة باسم واحد...".والمنهج الذي وضعه الإمام الشاطبي لفهم النصوص وبالتالي فهم مقصود الشارع منها يوضحه بقوله: "فالذي يكون على بال من المستمع والمتفهم, الالتفات إلى أوّل الكلام وآخره بحسب القضية وما اقتضاه الحال منها: لا ينظر في أولها دون آخرها, ولا في آخرها دون أولها, فإن القضية وإن اشتملت على جمل فبعضها متعلق بالبعض, لأنها قضية واحدة, نازلة في شيء واحد, فلا محيص للمتفهم عن ردّ آخر الكلام على أوله, وأوله على آخره, وإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلّف".وهذا لا يعني وجوب تعلم دقائق اللغة والتغلغل في علومها كي يفهمها المخاطب, فهذه الأمور وُكّلت لذوي الاختصاص.

Post a Comment

Previous Post Next Post