أنماط التعليم وعلاقتها بالتنمية

مع التطور في وسائط التواصل تطورت العملية التعليمية بشكل كبير،ولم تعد مقتصرة على خيار واحد،بل أصبحت متعددة البدائل،مما يتيح الفرص للتطور التعليمي في مختلف الظروف والإمكانيات،ونجد أنماط التعلم في الوقت الراهن متعددة،بدأ من التعليم التقليدي مرورا بالتعليم المفتوح فالتعليم عن بعد والتعليم الالكتروني والجامعات الافتراضية،ومن دون شك فان كل نمط من أنماط التعليم المشار إليها تساهم في التنمية بنسبة ما،وما هو جدير بالاهتمام التخطيط من قبل أية دولة في كيفية الاستثمار الأمثل لكل نمط منها في العملية التنموية،بناء على المزايا والخصائص والجدوى لكل نمط منها.
فالتعليم التقليدي يتميز بالبناء الموسوعي وتعدد وتنوع الاختصاصات وتقاليد علمية واضحة إضافة إلى إتاحته فرصة للتفاعل والالتقاء فيمثل مجالا للتنشئة الاجتماعية وإطار لكسب المهارات والخبرات وهو يتخذ مساحة كبيرة من المخيال الاجتماعي ويساهم في تشكيل الهوية المجتمعية وتمثل مواقعه محاضن رمزية للتعليم،وعليه تكون شهاداته معترف بها وكلفته محددوة وقادر على الاستيعاب.
أما التعليم المفتوح فيتميز بأساليب تعليمية جديدة ونظام تعليمي مفتوح وتحلل من الضوابط التعليمية التقليدية ويوفر حوافز من اجل التعليم الذاتي والتفاعل مع التكنولوجيا المتطورة كما يأخذ بعين الاعتبار التجارب والمؤهلات المهنية،ومن جدوى هذا النمط من التعليم انه يربط بين الجوانب العملية بالجوانب التطبيقية.
والتعليم عن بعد يوفر فرصة للتعليم المناسب حسب إمكانيات المتعلم،ويطور من مفهوم المراقبة والتقييم الذاتي للمتعلم،ويساهم في بناء القدرات المعرفية للمتعلم حسب حاجاته،ويطور الأسلوب التعليمي حسب أداء المتعلم.وهذا النمط من التعليم يقدم حلولا عملية لكل الراغبين في مواصلة التعليم،ويسمح بالانفتاح على مختلف التجارب التعليمية،وينمي من قدرات المتعلم،ويساهم في كسب اختصاصات جديدة وتوظيف المعلومة والمعرفة العلمية في الحياة العامة والخاصة.
أما التعليم الالكتروني فانه يتميز بالتعامل الحيني مع كل المستجدات والانخراط في شبكة معلومات كونية ،والتعلم الذاتي وفق أسلوب التبادل والتغلب على ضغط الوقت وخصوصيات الفضاءات التعليمية.وهذا النوع من التعليم له قيمة جدوائية كبيرة.
ولقد استفادت الكثير من المجتمعات من هذا التطور في أنماط التعليم في إنشاء جامعات افتراضية،تقدم أساليب جديدة للتعليم.
وما هو مهم بالنسبة لكل دولة التعامل الجدي مع هذه الأنماط من التعليم،وعدم الاقتصار على النوع الأول منه وهو التعليم التقليدي،والعمل على إدماج هذه الأنماط الجديدة من التعليم لصالح العملية التنموية،ويمكن ذلك من خلال العناية الرسمية بهذه الأنماط كما التعليم التقليدي،ووضع الميزانيات الخاصة بها،والاعتراف بمخرجاتها التعليمية،ووضع برامج للتغلب على الأمية التكنولوجية،التي تجعل التعامل مع هذه الأنماط من التعليم متوفرة،وتشيد الشبكات التي تيسر هذه الأنواع من التعليم.

التعليم في الوطن العربي
رغم الجهود التي تبذل من قبل اغلب الدول العربية في سبيل تطوير العملية التعليمية وزيادة دورها في التنمية إلا أن الوطن العربي لا يزال يواجه تحديات كبيرة في هذا السبيل،وهو ما يؤثر على جهود التنمية ويعوقها ويقلل من تأثيراتها ومن ثم يضائل الأمر في إمكانية الخروج من نفق التخلف وتعتبر مشكلة استمرار الأمية من ابرز التحديات للقضية التنموية في الوطن العربي،وهي في الحقيقة سببا ونتيجة للتخلف الاقتصادي والاجتماعي وهدرا للموارد البشرية،وفي الوقت الذي اختفت فيه الأمية من بعض البلدان في العالم أو أصبحت ذات معدلات منخفضة جدا،حتى في كثير من البلدان النامية،فان المعدلات في البلدان العربية ما زالت مرتفعة،وان أعداد الأميين المطلق يزداد مع الزمن،فقد تطور العدد من 49 مليون أمي وأمية عام 1970 إلى 68 مليونا عام 2000،مع أن هناك بيانات مشجعة حيث أن أمية الشباب من فئة 15-20 عاما تقل عن معدل الأمية العام.
ولا يعود استمرار الأمية لضعف جهود مكافحتها أو عدم فاعلية برامجها فحسب وإنما أيضا لعدم سد منابع الأمية بالتعليم الأساسي الإلزامي،ولم تصل بعد معدلات التمدرس في الوطن العربي إلى مستوى 100% ولا يبدو أنها ستصل إليه في الأمد القريب،ولازالت تدفقات المتسربين من المدارس تتوالى.
وتأتي مشكلة سنوات التمدرس بعد الأمية كتحدي ثاني للتنمية في الوطن العربي،فرغم تحسن معدلات التمدرس عموما في المنطقة العربية واقترابها من معدل الدول النامية،فهي  تقل عن متوسط العالم،ومن متابعة معدلات القيد الإجمالية للمراحل الثلاث في الأقطار العربية بين عام 1992-2001/2002،نجدها ما زالت ضعيفة في الكثير من البلدان العربية،ولم تتجاوز سوى عدد محدود من الدول العربية(ليبيا وقطر والبحرين وفلسطين ولبنان)المعدل 77% عام 2001/2002.ويبلغ المتوسط العربي 60% مقابل 64% في العالم و87% في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(undp2004)أن الفجوة واسعة بين بقية البلدان وبلدان المقدمة،وإذا كان بعض البلدان قد حقق قفزة واسعة خلال عقد التسعينات مثل ليبيا والكويت ،فان عددا من الأقطار قد تراجع فيها ذلك المعدل مثل الأردن وسوريا.
وتأتي مشكلة التعليم العالي كتحد ثالث للتعليم في الوطن العربي،فرغم أن الدول العربية قد سعت إلى فتح جامعات توفر التعليم العالي المجاني أو بأسعار في متناول الأغلب من الناس فيها،إلا أن المخرجات التعليمية من هذه الجامعات لا تلبي احتياجات السوق،إضافة إلى كون التعليم دون المستوى العالمي،حيث أن التقويم السنوي للجامعات على مستوى العالم لم تحصد منها جامعة عربية واحدة موقعا في الخمسمائة جامعة الأولى على مستوى العالم.
يضاف إلى ذلك ضعف الاهتمام بالميزانية المرصودة للتعليم في قبال النفقات العامة،سيما الإنفاق على الدفاع،ففي بعض البلدان يرتفع الإنفاق على الدفاع فيما يقل الإنفاق على التعليم.

6/الخلاصة.

يمكن القول أن الطريق إلي التنمية يتطلب إعطاء التعليم في الوطن العربي اهتماما خاصا،ورفع  المعدل العام في ميزانيته والعمل على تحديثه من حيث المناهج والأنماط التعليمية بالاستفادة من الأنماط الجديدة للتعليم التي أثبتت جدوائيتها في مناطق أخرى من العالم،استطاعت التوسع في خيارات التنمية من خلال الاهتمام بالعملية التعليمية،ومن الأهمية بمكان أن تأخذ العملية التعليمية في الوطن العربي متطلبات سوق العمل،حسب القطر بعين الاعتبار،حتى تشعر المخرجات العلمية منها بأهمية دورها في التنمية،وتجد لها موقعا مناسبا في الحياة الاجتماعية.

Post a Comment

Previous Post Next Post