خطوات التفاوض
للتفاوض العملي خطوات عملية يتعين القيام بها والسير على هداها وهذه الخطوات تمثل سلسلة تراكمية منطقية تتم كل منها بهدف تقديم نتائج محددة تستخدم في إعداد وتنفيذ الخطوة التالية. وإن تراكمات كل مرحلة تبنى على ما تم الحصول عليه من ناتج المرحلة السابقة وما تم تشغيله بالتفاوض عليه واكتسابه خلال المرحلة الحالية ذاتها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية الجديدة، وبهذا الشكل تصبح العملي التفاوضية تأخذ شكل جهد تفاوضي تشغيلي متراكم النتائج بحيث تصبح مخرجات كل مرحلة التالية لها وهكذا.
الخطوة الأولى: تحديد وتشخيص القضية التفاوضية:
وهي أولى خطوات العملية التفاوضية حيث يتعين معرفة وتحديد وتشخيص القضية المتفاوض بشأنها ومعرفة كافة عناصرها وعواملها المتغيرة ومرتكزاتها الثابتة. وتحديد كل طرف من أطراف القضية والذين سيتم التفاوض معهم. وتحديد الموقف التفاوضي بدقة لكل طرف من أطراف التفاوض ومعرفة ماذا يرغب أو يهدف من التفاوض.
ويتعين إجراء مفاوضات أو مباحثات تمهيدية لاستكشاف نوايا واتجاهات هذا الطرف وتحديد موقفه التفاوضي بدقة وبعد هذا التحديد يتم التوصل إلى نقطة أو نقاط التقاء أو فهم مشترك.
كما يتعين تحديد نقاط الاتفاق بين الطرفين المتفاوضين لتصبح الأرضية المشتركة أو الأساس المشترك لبدء العملية التفاوضية ويساعد في تحديد نقاط معرفة المصالح المشتركة التي تربط بين الطرفين المتفاوضين.
ومن ثم يتم تحديد مركز دائرة المصلحة المشتركة أو الاتفاق بين الأطراف ليمثل نقطة الارتكاز في التعامل مع وبهذه الدائرة حيث يتم في التفاوض نقل ذا المركز تدريجيا لتوسيع نقاط الاتفاق التي يوافق عليه الطرف الآخر وتصبح حقا مكتسبا.
وتستخدم في هذا المجال المفاوضات التمهيدية بهدف تحديد المواقف التفاوضية ومعرفة حقيقة ونوايا الطرف الآخر بالإضافة إلى:
* تغيير اتجاهات وراء الطرف الآخر.
* كسب تأييد ودعم الطرف الآخر والقوى المؤثرة عليه.
* دفع الطرف الآخر إلى القيام بسلوك معين وفقا لخطة محددة.
* الاستفادة من رد فعل الطرف الآخر.
وبصفة عامة يتم في المفاوضات التمهيدية تحديد نقاط الالتقاء ونقاط الاختلاف بين الأطراف وتوضيح أبعاد كل منهما. ومن ثم يمكن تحديد النقاط الأشد تطرفا بالنسبة لكل طرف من الأطراف التي لا يمكن التأثير عليها والتي لن يتنازل عنها في الفترة الحالية على الأقل. وأكثر النقاط قبولا منه أو نقطة الالتقاء المشتركة التي يوافق عليها دون تردد. ومن ثم يقوم بالابتعاد عن أشد نقاط الاختلاف والتعامل فقط مع تلك النقاط التي تقع في منطقة التأرجح بين الموافقة والاعتراض والتي يمكن عن طريق التفاوض كسب النقاط التفاوضية بنجاح ويسر.
الخطوة الثانية: تهيئة المناخ للتفاوض:
إن هذه الخطوة هي خطوة مستمرة وممتدة تشمل وتغطى كافة الفترات الأخرى التي يتم الاتفاق النهائي عليها وجنى المكاسب النجمة عن عملية التفاوض.
وفي هذه المرحلة يحاول كل من الطرفين المتفاوضين خلق جو من التجاوب والتفاهم مع الطرف الآخر بهدف تكوين انطباع مبدئي عنه واكتشاف استراتيجيته التي سوف يسير على هداها في المفاوضات وردود أفعاله أمام مبادراتنا وجهودنا التفاوضية.
وتكون هذه المرحلة عادة قصيرة وبعيدة عن الرسميات وتقتصر عادة على لقاءات النادي أو على حفلات التعارف يتم فيها التبادل عبارات المجاملة والترحيب
الخطوة الثالثة: قبول الخصم للتفاوض:
وهي عملية أساسية من عمليات وخطوات التفاوض لقبول الطرف الآخر وقبول الجلوس إلى مائدة المفاوضات. ومن ثم تنجح المفاوضات أو تكون أكثر يسرا خاصة مع اقتناع الطرف الآخر بأن التفاوض هو الطريق الوحيد ، بل والممكن لحل النزاع القائم أو للحصول على المنفعة المطلوبة أو لجنى المكاسب والمزايا التي يسعى إلى الوصول إليها. ويجب علينا أن نتأكد من صدق رغبة وحقيقة نوايا الطرف الأخر، وان قبوله للتفاوض ليس من قبيل المناورات أو لكسب الوقت أو لتحجيمها عن استخدام الوسائل الأخرى.
الخطوة الرابعة: التمهيد لعملية التفاوض الفعلية والإعداد لها تنفيذيا:
* اختيار أعضاء فريق التفاوض وإعدادهم وتدريبهم على القيام بعملية التفاوض المطلوبة وإعطائهم خطاب التفويض الذي يحدد صلاحياتهم للتفاوض.
* وضع الاستراتيجيات التفاوضية واختيار السياسات التفاوضية المناسبة لكل مرحلة من مراحل التفاوض.
* الاتفاق على أجندة المفاوضات ، وما تتضمنه من موضوعات أو نقاط أو عناصر سيتم التفاوض بشأنها وأولويات تناول كل منها بالتفاوض.
* اختيار مكان التفاوض وتجهيزه وإعداده وجعله صالحا ومناسبا للجلسات التفاوضية ، وتوفير كافة التسهيلات الخاصة به.
الخطوة الخامسة: بدء جلسات التفاوض الفعلية:
حيث تشمل هذه الخطوة من العمليات الأساسية التي لا يتم التفاوض إلا بها:
اختيار التكتيكات التفاوضية المناسبة من حيث تناول كل عنصر من عناصر القضية التفاوضية أثناء التفاوض على القضية وداخل كل جلسة من جلسات التفاوض.
* الاستعانة بالأدوات التفاوضية المناسبة وبصفة خاصة تجهيز المستندات والبيانات والحجج والأسانيد المؤيدة لوجهات نظرنا والمعارضة لوجهات نظر الطرف الآخر.
* ممارسة الضغوط التفاوضية على الطرف الآخر سواء داخل جلسة التفاوض أو خارجها. وتشمل هذه الضغوط عوامل:
- الوقت.
- التكلفة.
- الجهد.
- عدم الوصول إلى نتيجة.
- الضغط الإعلامي.
- الضغط النفسي.
* تبادل الاقتراحات وعرض وجهات النظر في إطار الخطوط العريضة لعملية التفاوض وفي الوقت نفسه دراسة الخيارات المعروضة والانتقاء التفضيلي منها.
* استخدام كافة العوامل الأخرى المؤثرة على الطرف الآخر لإجباره إلى اتخاذ موقف معين أو القيام بسلوك معين يتطلبه كسبنا للقضية التفاوضية أو إحراز نصر أو الوصول إلى اتفاق بشأنها أو بشان أحد عناصرها أو جزيئاتها.
الخطوة السادسة: الوصول إلى الاتفاق الختامي وتوقيعه:
لا قيمة لأي اتفاق من الناحية القانونية إذا لم يتم توقيعه في شكل اتفاقية موقعة وملزمة للطرفين المتفاوضين. ويجب الاهتمام بأن تكون الاتفاقية شاملة وتفصيلية تحتوي على كل الجوانب ومراعي فيها اعتبارات الشكل والمضمون ومن حيث جودة وصحة ودقة اختيار الألفاظ والتعبيرات لا تنشأ أي عقبات أثناء التنفيذ الفعلي للاتفاق التفاوضي.
كيف تبدأ التفاوض
إن المفاوضات الناجحة تبدأ قبل الجلوس لعقد الصفقة بوقت طويل، ومهما كان الأفراد ماهرين أثناء المفاوضات فإنهم-في حقيقة الأمر- سيكونون في وضع شديد السوء حين يجلسون أمام خصوم قاموا بمهمة أفضل منهم في تخطيط أهدافهم مقدما.فحتى تحقق أهدافك من المفاوضات عليك أن تعرف ما تريده وأيضا ما يريده الطرف الآخر.
وبالإضافة الى ذلك، فقبل أن تبدأ بالتفاوض بوقت طويل، عليك أن تحدد البدائل المتاحة لك في حال فشل المفاوضات. وذلك لأنه كلما كانت البدائل أفضل، ازداد مركزك قوة عند التفاوض.كما أن معرفة البديل الأفضل لدى الجانب الآخر هو مصدر آخر للقوة في التفاوض. ولكن برغم الضرورة الحتمية التي توجب عليك معرفة البديل الأفضل لديك ومحاولة تقدير ذالك البديل المتاح للجانب الآخر، ينبغي عليك أن تعرف أن معظم الناس لا يقومون بعمل جيد لدى تقديرهم قِيَم البدائل. فمثلا يطرح (لاكس) تجربة تنطوي على قيمة شركة معروضة للبيع" حتى بوجود معلومات دقيقة عن وضع العمل كالميزانيات الختامية وقوائم الأرباح والخسائر، ومافي حكمها" فيقول: إن أولئك المكلفين بشراء الشركة يقومون تقليديا بوضع تخمين منخفض لقيمتها بقدر ما يستطيعون، بينما يعطي الذي عُهِدَ إليهم بالبيع أرقاما لقيمتها أعلى من أحسن التقديرات.ويميل المحكمون الحياديون الى وضع حد للسعر المحتمل في مكان ما بين التقديرين." إذن إن قيم البدائل يمكن أن تتأثر بوجهة نظرك الشخصية، لهذا كن متوخيا للحقيقة قد الإمكان، وتدارس أفكارك مع طرف ثالث محايد.فليس هناك مفاوض في وضع اضعف من الذي لا يملك بديلا عن صفقة ما،حيث يستطيع الجانب الآخر في هذه الحالة أن يملي الشروط"إن الذي يفقد البديل يقبل الصفقة".
هناك أمر آخر يجب أن تضعه بالاعتبار مسبقا وهو:حدود التفاوض، أو بشكل أكثر تحديدا، ما يمكنك التنازل عنه حتى تحصل على ما تريده .
من السهل-على سبيل المثال- أن تحدد السعر الذي ستدفعه مقابل أحد العناصر إذا كنت تعقد صفقة خاصة ببعض المشتريات التقليدية المعتادة في شركتك، ولكن حتى هذه المعاملات التي تبدو روتينية قد تصبح أكثر تعقيدا في بعض الأحيان، وذلك حين تذهب للتفاوض على السعر.فقد تنشط حينئذ كل أنواع المتغيرات، الأمر الذي يؤثر على ما يمكنك أن تدفعه، فإذا لم تكن قد فكرت مقدما بهذا الأمر قد تصّر بشكل يفتقر الى المرونة على السعر الذي حددته، أو تضطر للقيام ببعض الموازنات السريعة حتى تتوصل الى رقم جديد، الأمر الذي قد يؤدي الى اتفاق غير مرض.
وفي مقدمة هذه العوامل ، توجد عدة جوانب لتخطيط التفاوض كثيرا مايتم التغاضي عنها ، ومن أمثلتها كيفية إعداد العروض المكتوبة، وكيفية معالجة العناصر الغير قابلة للتفاوض، بل واتخاذ قرار بالتفاوض من عدمه أصلا.فعندما تحدد أهدافك مسبقا، لن تصبح –على الأرجح- عرضة للوقوع في شرك الهدف الأدنى الذي يمكن أن يملى عليه الشروط وقبول أي شيء. إن ما يحدث هو أن الفرد الذي قام بقدر قليل من الإعداد إلا فيما يتعلق بالسعر المقبول سيميل الى التوقف عن التفاوض حين يصل الى هذا السعر، ثم ينصرف راضيا عن الصفقة الجيدة التي حصل عليها،دون أن يدرك كم ترك من المال على مائدة التفاوض.
إن أهم خطوة عليك اتخاذها قبل بدأ المفاوضات هي تحديد أهدافك من المفاوضات، ولذا فإن الفشل في اتخاذ هذه الخطوة بالشكل اللائق يمكن أن يضعك في مركز سيئ أثناء المفاوضات، حيث لا تعرف كيف تتصرف إزاء التكتيكات التفاوضية لخصمك.
إن اتخاذ هذه الخطوة يساعدك في:
*يجبرك تحديد الهدف على التفكير فيما تريده، وفي أسباب ذلك،وفي أنت مستعد للتنازل عنه في مقابل الحصول عليه.
* يساعدك تحديد الهدف في تقديم التنازلات والتسويات عند تقدم المفاوضات.
* يحميك تحديد الهدف من التوصل الى اتفاقات غير مدروسة.
*الإستراتيجية المخطط لها بدقة تجنبك الفوضى والاضطراب الذي يمكن أن يستغله خصمك.
* يساعدك تحديد الهدف على زيادة سرعة عملية التفاوض ذاتها.
* يساعدك تحديد الهدف على تجنب فشل المفاوضات حيث أن التوقف في المفاوضات كثيرا ما ينشأ من نقص الإعداد.
* الأهم من كل شيء هو أن تحديد الهدف يتيح لك الوصول الى اتفاق أفضل. فأي خصم لك سيكون معقولا على الأرجح إذا استطعت أن تبين له من البداية أنك تعرف ما تريد.
وعلى وجه العموم ،فإن الوقت الذي تخصصه لإعداد هدفك من التفاوض سوف يعود عليك بالكثير من الفوائد حين تجلس الى مائدة المفاوضات بالفعل من أجل التوصل الى اتفاق.
إن التخطيط لأهدافك التفاوضية يرسي الأساس الأول لبدأ المفاوضات. ومن الضروري أن تواصل البناء على هذا الأساس بالتفكير فيما يرد خصمك إنجازه. ويعد هذا الأمر من المتطلبات التي لايمكن تجاهلها،حيث أنه قد يكون هو الذي يحدد النجاح أو الفشل أثناء المفاوضات.وعلاوة على ذلك، فإن أهداف الطرف الآخر قد تختلف كثيرا عما تعتقده في ظاهر الأمور، إذ قد تكون للخصم أهداف خفية، والفشل في إدراك هذه الأهداف يمكن أن يعرضك للوقوع في مأزق تفاوضي. وبطبيعة الحال،فبمجرد أن تبدأ المفاوضات بجدية، ستتعرف على ما يسعى خصمك الى تحقيقه بصورة أكبر. وعلى أي حال، فإن تخصيص قدر من الوقت لتحليل الإستراتيجية المحتملة للخصم قبل بدأ المفاوضات يتيح لك بداية أفضل نحو تحقيق أهدافك.
ولكي تنجح في تحقيق مثل هذه البداية، لابد أن تحاول تحديد الأهداف التفاوضية لخصمك، ثم تحاول الموازنة بينها وبين أهدافك. من المفيد أيضا أن تفكر في الإستراتيجية المحتملة التي سيوظفها الخصم لتحقيق ما يريد. ويتطلب هذا الأمر أن تقيّم نقاط القوة والضعف في مركز الخصم حتى تستطيع أن تفند بفعالية حججه التي يطرحها على مائدة المفاوضات.
إن هذا التقييم سيقلل من احتمالات أن تواجه مفاجآت عند بدأ المفاوضات.
ومن المفيد أيضا أن تفكر في الأفراد الذين ستتفاوض معهم، هل لديهم من السلطة ما يتيح لهم التوصل إلى اتفاق؟ أم أن القرارات الرئيسية سيتخذها آخرون لن يشاركوا في المفاوضات بصورة نشطة؟
وعلاوة على ذلك، فإن بدا أن المفاوضات ستكون معقدة، أو كنت لا تشعر بالراحة للمواجهة، فربما يكون من المفيد أن تجري تجربة مع أفراد فريقك. إن هذه التجربة ستبين لك ما إذا كنت مستعدا بالشكل اللائق أم لا.
عندما تأتي بالجانب الآخر الى مائدة التفاوض،من المهم أن تدفع بالأشياء نحو بداية سلسة،من خلال تخفيف التوتر الذي يغلب أحيانا على جو البداية
فالدقائق الأولى تحدد جو المفاوضات ونتائجها. لذلك تجنب المواجهات في البداية وإذا لم توافق على مواقف الطرف الآخر فلا داع للجدل ولكن قل: إنني أدرك وجهة نظرك وقد شعر آخرون بمثل شعورك وقد سبق لنا أن شعرنا بنفس شعورك ولكننا وجدنا أن (ثم تعرض وجهة نظرك بهدوء)
ولهذا الأسلوب الودي المتفهم مفعول قوي وقدره عالية على نزع فتيل المواجهة في الجلسة الأولى لأهميتها وهو أيضا يسمح لك بالموافقة والرفض في نفس الوقت.

Post a Comment

Previous Post Next Post