أراء الباحثين النظرية الكلاسيكية في التجارة الخارجية وافتراضاتها
 إن آدم سميث فقد وضح  بأن الأعمدة الثلاثة الأساسية لنظريته في التجارة الدولية تقوم على عدة مرتكزات أساسية منها :تقسيم العمل ،وتوزيع القوى العاملة بين الحرف المنتجة والحرف غير المنتجة أو الخدمات.
وأيضاً يرى آدم سميث أن تقسيم العمل يتوقف على عاملين مهمين هما : سعة السوق ،و مقدار رأس المال لأن سعة السوق تحقق مجالاً واسعاً لحركة العرض والطلب، بينما يحقق توفر رأس المال مجالاً للتوسع في العملية الإنتاجية . ويرى آدم سميث أن عاملي ( سعة السوق ) و (توفر رأس المال ) هما العاملان المهمان ليس  داخل البلد فحسب ، بل وأيضاً في مجال التبادل التجاري الدولي لأن التجارة الدولية تمكن كل بلد من التخصص في إنتاج سلعة معينة تسد منها حاجتها المحلية وتصدر الباقي إلى بلد آخر  يتخصص في إنتاج سلعة أخرى للاستفادة من فروق كلفة النفقات في كل من البلدين (2) .
************************************************************************************************************
(1)  فكري نعمان - النظرية الاقتصادية في الإسلام  -  ص 39  .
(2)    A.SMITH, THE WEALTH OF NATIONS VOL .1 P.413
- 8 -
وعلى نفس المنوال برز ( جون ستيوارت ميل ) الذي درس معدل التبادل الدولي وانتهى إلى النظرية المعروفة التي تدعى نظرية القيم الدولية International values وهي إضافة مبتكرة من قبل (ستيوارت ميل ) إلى نظرية التجارة الدولية تقوم على التخصص الإنتاجي . وهكذا نجد أن التجارة الدولية قد تطورت على المستوى النظري على نمط واحد مع تطور الفكر الاقتصادي حتى أصبحت نظرية التجارة الدولية والتبادل الدولي تقوم الآن على أعمدة  ثلاثة هامة هي :-

أولاً . نظرية هيوم في التوازن التلقائي
ثانياً . نظرية ريكاردو في النفقات النسبية
ثالثاً . نظرية ستيوارت مل في القيم الدولية

إن هذه الأعمدة الثلاثة أعلاه تكون الأساس النظري الواسع لنظرية التجارة الدولية ،سواء من حيث التخصص بإنتاج بضاعة محددة في بلد معين يقوم بتصديرها  إلى بلد آخر ، أو من حيث مدى إنتاجية العمل في بلد معين قياساً إلى بلد آخر ، أو من حيث مستوى الأجور في بلد معين  قياساً إلى بلد آخر (1).
ونحن نجد مثلاً أن زيادة إنتاج العامل الياباني قياساً لإنتاج العامل الأمريكي يعطي ميزاناً تجارياً لصالح الياباني  كما أن الانخفاض في مستوى الأجور في جنوبي شرق آسيا وبلدان أمريكا اللاتينية ، دفع أصحاب رؤوس الأموال إلى نقل استثماراتهم إلى تلك البلدان لإنتاج سلع أمريكية بتكنولوجيا أمريكية ورأس مال أمريكي وخبرة أمريكية ، ولكن بأيدي عاملة آسيوية أو أمريكية لاتينية بسبب رخص الأيدي العاملة هنالك (2) .
أخيرا يجب التأكيد على أن نظرية التجارة الدولية قد تطورت بالانسجام مع تطور الفكر الاقتصادي، وأن الآراء والنظريات السائدة اليوم في هذا المجال ليست إلا ثمرة لهذا التطور الفكري الذي استغرق مئات السنين.


********************************************************************************************************************
(1)    INTERNATIONAL AND INTERNATIONAL TRADE REVISED EDITITION CAMBRIDGE1967 P 278
(2) الدكتور بسام الحجار – العلاقات الاقتصادية الدولية – ص 29 ، مصدر سابق.
- 9 -

التعديلات التي جرت عليها
  1. تكلفة النقل في التجارة العالمية: إن إضافة تكلفة النقل يمكنه أن يعيق التجارة الخارجية للسلع التي من الممكن أن يتاجر بها عالمياً لو كان النقل بدون تكلفة (يمكن دراسة تأثير تكلفة النقل على التجارة الخارجية باستخدام نموذج العرض والطلب). وتكلفة النقل تكون في بعض الأحيان السبب المباشر في حدوث التجارة بين الدول، خاصة في حالة الدول ذات الحدود المشتركة.
  2. السلع غير المتاجر بها عالميا: وجود بعض السلع التي لا تدخل في عملية التجارة في الاقتصاد المحلي له تأثير مباشر على حجم ونوعية التجارة الخارجية بالنسبة للدولة (السياحة مثلاً).
  3. السلع الوسيطة: وجود بعض السلع التي تدخل في العملية الإنتاجية لسلع أخرى له تأثير على حجم ونوعية التجارة بين الدول (النفط ومشتقاته.
  4. الموارد الطبيعية: يجب إضافتها ضمن المدخلات الأساسية للإنتاج مثل العمالة ورأس المال.
  5. العوامل المحددة: يتم إنتاج بعض السلع أحياناً باستخدام عوامل محددة وهذا ما سيغير من نوعية وحجم التجارة بين الدول عند أخذها في الاعتبار (مثال: إنتاج السلعة X يحتاج إلى L و K وإنتاج Y يحتاج إلى L و. N
  6. تنقل عوامل الإنتاج: تم بناء النظريات الأساسية على افتراض أن عوامل الإنتاج لا تنقل بين الدول. وهذا الافتراض لا ينطبق في وقتنا الحالي ولذا يجب تعديل وتحسين النظريات وفقاً لذلك (انتقال العمالة مثلاً.
  7. اللايقين (Uncertainty): تفترض النظريات الأساسية كمال وتوافر نفس المعلومات لكل الأطراف في عملية التبادل التجارية وهذا بالطبع افتراض غير مناسب ويجب تعديله حتى تكون النظريات أكثر واقعية.
8 .التجارة الخارجية غير المنظمة مثل التجارة غير المشروعة أو التهريب: نظراً لوجود هذه الظواهر في التجارة بين الدول لابد من أخذها بعين الاعتبار.

- 10 -
ومن أبرز نظريات التجارة الخارجية ما يلي:
1.      نظرية ريكاردو : وفقاً لهذه النظرية فإن الاختلاف في التكنولوجيا يؤدي إلى حدوث التجارة الخارجية بين الدول ويحدد مواصفاتها كما أن اختلاف أسلوب الإنتاج (نتيجة لاختلاف دوال الإنتاج) بين الدول يؤدي إلى اختلاف منحنيات إمكانيات الإنتاج بينها وبما أن الدول متشابهة في كل الجوانب الأخرى وبالذات جوانب الطلب فستكون الأسعار النسبية للسلع (وبالتالي المزايا النسبية) مختلفة بين الدول قبل حدوث التجارة.
2.      نظرية هكشر- أولين: وفقاً لهذه النظرية فإن الاختلاف الوحيد بين الدول هو في نسب عوامل الإنتاج المتوفرة لها وأن الدول متشابهة في كل الجوانب الأخرى. في حالة دولتين على سبيل المثال A و B سلعتين X و Y مدخلين L و K للإنتاج، تفترض النظرية أن:
 أي أن نسبة العوامل الرأسمالية المستخدمة مع كل عامل أعلى في الدولة B، مما يعني أن الدولة B تتميز بوفرة عوامل رأس المال والدولة A تتميز بوفرة العمال (الأيدي العاملة).
3.       أي أن إنتاج Y يحتاج إلى عوامل رأس المال بكثافة أكثر مقارنة مع X (وأن X تستخدم الأيدي العاملة بكثافة مقارنة مع Y). ويفترض أيضاً هنا أن وجه المقارنة بين X و Y يظل ثابتاً حتى لو تغيرت نسب الإنتاج (أي أن Y تستخدم رأس المال بكثافة بصرف النظر عن مستوى الإنتاج. وبالتالي، فإن نظرية هكشر - أولين تنص على أن كل دولة ستركز على إنتاج السلع التي تستخدم العوامل ذات الوفرة النسبية لها بكثافة وتقوم بتصديرها، وستستورد السلع  -الأخرى. في المثال أعلاه ستقوم الدولة A بتصدير X واستيراد Y وسيحدث العكس بالنسبة للدولة B.
4.      نظرية اختلاف الأذواق: الافتراض هنا أن الدول متشابهة في إمكانياتها الإنتاجية (دوال الإنتاج، نسب عوامل الإنتاج.

- 11-
ثالثاً- بعض التوجهات والنظريات الجديدة
  1. الفجوات التكنولوجية: هناك فجوات تكنولوجية بين الدول (أي أن بعض الدول تقود والبعض الآخر يتبع) والتي إن أخذت في الاعتبار تؤدي إلى خلق أساس نظري مختلف للتجارة الخارجية.
  2. دورة حياة السلعة: تمر عملية إنتاج السلع منذ اكتشافها بعدة مراحل يعتمد فيها إنتاجها على نوعيات مختلفة من العوامل مما قد يقتضي استيراد دولة لسلعة كانت هي المصدر لها في فترات سابقة، وعادةً ما يحدث هذا في سلع المواد الأولية (الخام) الناضبة.
  3. تأثير الدخل: تعطي النظريات هنا اعتباراً هاماً ودوراً فعالاً لجانب الطلب. وهي عموماً (وخاصة نظرية Linder والتي تعتبر أهمها وأشهرها) تستند على افتراضين هما أن احتمال تصدير الدولة لسلعة يزداد مع توافر الأسواق المحلية للسلعة وأن مجموعة السلع الموجودة في الأسواق المحلية تعتمد على معدل دخل الفرد.
  4. الشركات متعددة الجنسيات: تمثل التجارة بين هذه الشركات وبين فروعها جزء كبير ومتزايد من الحجم الكلي للتجارة ونظراً لأهميتها الإضافية في نقل رؤوس الأموال والتكنولوجيا بين الدول فإن عملية إنتاج السلع لم تعد تتم في دولة واحدة وإنما تتم من خلال إنتاج الأجزاء.
  5. بواسطة الشركات ذات الميزة النسبية أو ذات حقوق ملكية للتكنولوجية المطلوب لإنتاج هذا الجزء في دول مختلفة "سلعة عالمية".
  6. اختلاف السلع: نظراً لاختلاف الأذواق والآراء حول السلع نجد أنه في معظم الأحيان توجد نوعيات كثيرة من نفس السلعة (نوعيات متعددة من نفس حجم السيارات وأحياناً من نفس الموديل، نوعيات مختلفة من المشروبات الغازية وأحياناً نوعيات من نفس المشروب …). وفي كثير من الأحيان تصدر الدول بعض النوعيات وتستورد في نفس الوقت نوعيات أخرى مما يؤدي إلى ظاهرة التجارة البينية في نفس السلعة.
  7.   وفورات الحجم: تستند النظريات هنا على ظاهرة أنه بالنسبة لبعض السلع كما زاد حجم الإنتاج منها كلما قلت تكلفة إنتاج الوحدة منها،وترتبط مثل هذه الظواهر وبدرجة عالية مباشرة بالمعرفة الناتجة عن البحث والتنمية وظروف المنافسة غير التامة. وتؤدي مثل هذه الظاهرة إلى خلق أسباب للتجارة بين الدول تخرج تماماً عن نطاق المزايا النسبية.
- 12-

Post a Comment

Previous Post Next Post