التجارة الخارجية والتنمية الاقتصادية

      تحدث التجارة الخارجية بين وحدتين اقتصاديتين بسبب اختلاف الأسعار، حيث نرى من ناحية التوازن الجزئي أن الاختلاف بالأسعار ناتج عن تغيرات في العرض والطلب.
    مما لا شك فيه أن علاقة وثيقة بين التجارة والتنمية، وذلك من خلال التأثير المتبادل بينهما، حيث لا بد للتجارة أن تؤثر على التنمية مهما كانت طبيعة هذا التأثير ايجابية كانت أم سلبية، وكذلك لا بد أن تؤثر على التجارة.
   أثر التجارة الخارجية على التنمية الاقتصادية 
    إن التجارة الخارجية لها تأثير كبير على التنمية الاقتصادية ، وذلك من خلال ارتباطها بالعمل لتحقيق التنمية بشكل واسع، بالتالي فإن الظروف الاقتصادية الدولية يمكن أن تسير عملية التنمية وتسع مدى تحقيقها في حين يحصل العكس عندما لا تتوفر الظروف الاقتصادية المواتية، ومن أبرز آثار التجارة على التنمية ما يلي:
·       التجارة الخارجية تلبي مستلزمات التنمية الاقتصادية عند إقامة المشاريع مما يقتضي قدراً من رؤوس الأموال الإنتاجية بشكل آلات والمعدات، وهذه المواد غير متوفرة في كثير من البلدان النامية مما تتطلب استيراد من الخارج ، ومن هنا تبرز أهمية التجارة الخارجية بالنسبة للتنمية الاقتصادية.
·       التنمية الاقتصادية في البلد ما ستحدث نوع من التطور في الإنتاج والدخول،مما يرافقه من زيادة فرص العمل المتاحة ويؤدي ذلك إلى زيادة الاستهلاك ، ومن هنا تدعو الحاجة إلى استيراد السلع الاستهلاكية من الخارج ، أي حرية التجارة الخارجية.
·       عند إقامة المشروعات التنموية في أي بلد قد تستغرق مدة حتى تنتج، وهذه الفترة تحتاج إلى الطلب الاستهلاكي من الخارج.
·       في حالة التنمية الاقتصادية تحتاج إلى أعداد كبيرة من انتقال إلى العاملين، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض العمال في القطاع الزراعي وبالتالي إلى انخفاض الإنتاج مما تتطلب استيراد المواد الغذائية من الخارج.
·       التجارة الخارجية تتطلب أسواق خارجية لتصريف المنتجات من خلال التنمية الاقتصادية.
-  48 -
سمات التجارة الخارجية في الدول النامية
إن أبرز سمات الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن تتمثل في حركة السلع والخدمات ورأس المال والمعلومات والأيدي العاملة عبر الحدود الوطنية والإقليمية، وهي مرتبطة بتطور تكنولوجيات الاتصال التي أدت إلى جعل العالم يبدو وكأنه قرية صغيرة، ويتسم واقع التجارية في البلدان النامية بالعديد من السمات التي ترتبط بشكل وثيق بطبيعة اقتصادياتها، وهيكلها الإنتاجي، ومن أبرزها هذه السمات ما يأتي:
أولاً- إن ابرز السمات إن التجارة الخارجية للبلدان النامية يعتمد بشكل الرئيس على صادراتها من المواد الأولية التي تشكل في معظم الدول النامية النسبة الأكبر من صادراتها إلى العالم الخارجي.
   وبما أن الصادرات هي التي توفر القدرة على استيراد احتياجاتها الخارجي، وكان ضعف استجابة الطلب للتغيرات التي تحصل في الأسعار.
ثانياً – تجارة الدول النامية مع الدول المتقدمة، سواء اتصل الأمر بالواردات أو الصادرات، وهذا يعود لأسباب تاريخية ترتبط بأن نشأة التجارة الخارجية في العصر الحديث في هذه البلدان قد تم في معظم الحالات من خلال شركات الدول المتقدمة.
ثالثاً – تركيز صادرات الدول النامية واقتصارها عند ذلك محدوداً جداً من السلع وهي أولية بحيث تشكل  
هذه السلع المحددة النسبة الأكبر في صادراتها.
رابعاً – اتجاه معدلات التبادل الدولي لغير صالح منتجات الدول النامية، لحساب الدول المتقدمة نظراً لأنها تصدر مبلغ مصنفة تتزايد أسعارها.
بالنظر إلى جدول (3-2) نلاحظ بأن الدول النامية استطاعت في الفترة ما بعد الحرب  العالمية الثانية ما يلي:-
 -   زيادة حجم صادراتها من 28.9 مليار دولار في العام 1960 الى 567.1 مليار دولار في العالم 1980 ، ( كما يتضح من الجدول رقم (1- 3  ) ) . كما زادت حصتها من الناتج العالمي من 14.5% إلى 17.7 % .
- زيادة قيمة الإنتاج الصناعي من 8.5%  إلى  14.6% .
- ارتفعت حصة صادرات هذه الدول بالنسبة للدخل إلصاقي من 15.1%  قي العام 1960 إلى 25.5% قي العام 1980 .
**********************************************************************************************************************
(1)  الدكتور بسام الحجار، ص230 ، مصدر سابق.

-  49-
- بينما سجلت صادرات الدول النامية زيادة في صادراتها العالمية من 20.1% للفترة 1970 -1973 حتى بلغت 29.3 للفترة من 1978 -1981  (1) .

الجدول رقم (3- 2 )

يمثل حصة الصادرات في الدول النامية من الناتج القومي بالأسعار الجارية .

الناتج الصافي للدول النامية (مليار دولار )
181.17
254.4
256.0
855.1
1087.7
2221.5
صادرات الدول النامية (مليار دولار )
28.9
39.1
59.5
214.9
278.7
567.1
حصة الصادرات في الناتج الصافي
15.1
15.4
16.7
25.1
25.6
25.5
الجدول مأخوذ من كتاب العلاقات الاقتصادية الدولية ص245 ، تأليف الدكتور بسام الحجار
1.     Source : UNCTAD  Hand book of World Development Statistics 1979 N.Y.P. 9
2.           Hand book of International Trade and development Statistics, N.Y.1983, P.213 .
***************************************************************************************************************
(1)  الدكتور بسام الحجار، ص243 ، مصدر سابق.
-  50-
     من خلال نظام السوق أوالية الأسعار، فأنه في إطار التجارة الخارجية والتبادل الدولي الحر تصبح قوي السوق والية الأسعار لا تخص قوى العرض والطلب المحلية وحدها، فالعرض بالسوق المحلى يشمل منتجات واردة من الخارج, كما أن الطلب لا يقتصر على المقيمين في دولة ما بل يمتد ليشمل طلب غير المقيمين، ولذا فالسعر لا يتحدد محليا-بصورة كاملة- بالأسواق المفتوحة بل يتحدد من خلال الأسعار العالمية والتي في النهاية محصلة العرض والطلب في جميع الأسواق الخارجية مجتمعة.
  عندما يرتفع سعر سلعة ما فان هذا قد يكون بسبب زيادة الطلب من ناحية كما أنه يؤشر لزيادة العرض من ناحية أخرى، وبذلك يتحدد ماذا ننتج؟ وعليه فأن ارتفاع الأسعار العالمية للبترول يؤشر لزيادة إنتاج وتصدير البترول وارتفاع الأسعار العالمية للقمح يؤشر لزيادة إنتاج وتصدير القمح وهكذا.
وإذا كان انتقال عنصر رأس المال ميسورا كما هو الحال في حركة رأس المال داخل حدود الدولة الواحدة, فأن انتقاله من الدول الغنية إلى الدول التي تعاني من ندرة في عنصر رأس المال سوف يساوى من تكاليف الإنتاج بل تصبح اليد العليا في إنتاج وتصدير جميع السلع للدول النامية لآن تكلفة عنصر العمل بها منخفضة أصلا.
إن وجود حواجز لانتقال عناصر العمل و رأس المال بين دول العالم المختلفة هي التي تؤدى لاختلاف الأسعار المحلية عن الأسعار العالمية وبالتالي هي المحدد للتخصص الدولي ونمط التجارة العالمية, والحواجز التي تعوق حركة عناصر الإنتاج ليست قانونية فقط كالتشريعات المنظمة لاستخدام العمالة الأجنبية في كل دولة، ولكنها أيضا ثقافية ولغوية واجتماعية.
اختلاف النقود: يؤدى اختلاف وحدات التعامل النقدي إلى تباين مستوى الأسعار المحلية عن الأسعار العالمية, ويرجع ذلك إلى اختلاف مقاييس قيم السلع والخدمات في كل دولة عن الأخرى.
و قد لعبت النقود دورا هاما في الإسراع بعملية النمو الاقتصادي من خلال حل المشكلات المرتبطة بنظام المقايضة, فالنقود كمقياس للقيمة ووسيط للتبادل قد ساعدت علي زيادة التخصص و تقسيم العمل داخل المجتمعات المختلفة, أما فيما بين الدول المختلفة فقد ظلت و لفترة طويلة مشكلة إيجاد معامل للتحويل بين عملات الدول المختلفة عائقا لنمو التجارة، وقد وفرت نظم أسعار الصرف الثابتة لاحقا ولفترة طويلة الحل لمشكلة اختلاف وحدات التعامل النقدي(1).
**********************************************************************************************************************
(1)  الدكتور بسام الحجار، ص245 ، مصدر سابق.
-  51-

Post a Comment

Previous Post Next Post