المهم أن تكون دقيقا عندما تشترك في المفاوضات، وبالتالي عليك أن تعرف ما لذي ستقوله قبل البدأ بالكلام.
إن السيطرة على الانفعال أثناء المفاوضات تعدّ ضرورية لتلافي الأخطاء التي تنتج عن الغضب. وعلاوة على ذلك،فإن الجو العدائي يجعل تقريب وجهات النظر والتوصل لاتفاق أمراً صعباً . وفي الحقيقة، فكلما زادت حرارة المناقشات، ازدادت احتمالات فشل المفاوضات دون أدنى أمل في استكمالها.بالتأكيد ليس من السهل دائما أن تسيطر على انفعالاتك، وبخاصة إذا كنت تحاول التوصل الى اتفاق مع خصم لا يتّسم بالود، والأسوأ من هذا أن بعض المفاوضين يحاولون عن عمد إثارة خصومهم حتى يقعوا في الخطأ.
ولكن الخصم قد يصبح عدوانيا لعدة أسباب، أولها التعتيم على حقيقة أن مركزه التفاوضي غير مدعّم بالحقائق. وللتغلب على هذه العقبة، قد يحاول الخصم أن يدفع الطرف الآخر للخضوع عن طريق التهديد والوعيد.إذا تعرضت لمثل هذه الحيلة، فتجاهل الأمر بكل بساطة، فردّ الفعل الغاضب بمثابة الوقوع في قبضة الخصم.أكّد على موقفك بهدوء، وأنتظر حتى يهدأ خصمك.
وقد يصبح الخصم غاضبا أيضا أملا في أن يدفعك هذا للوقوع في أخطاء عابرة، وإذا قابلت النار بالنار فسوف تقع –على الأرجح- في هذه الأخطاء العابرة. فالمفاوضون قليلو الخبرة يقعون فريسة للغضب بسبب الإحباط أحيانا، وبسبب الضغوط الحادة للمفاوضات المطولة أحيانا أخرى.
فمع أن تصّيد الخصم تكتيك يستخدمه بعض المفاوضين،إلا أنه من الأفضل تجنب هذا الأسلوب. فتصنع الغضب عن عمد لدفع الخصم الى التنازل أمر محفوف بالمخاطر أكثر من النتائج الإيجابية.فعندما تستثير خصمك من ناحية، ستفتح له الباب حتى يستثيرك هو أيضا، الأمر الذي لن يؤدي إلا لتدهور الأحوال، مما يقضي على الأمل في التوصل إلى الحل الوسط الذي يعدّ حجر الزاوية في أي اتفاق.
قبل أن تدخل في ترتيبات المفاوضات الحقيقة، عليك أن تعرف كيف تجلب الطرف الآخر الى مائدة المفاوضات، ففي كثير من الحالات لا تتحرك المواضيع التي ترغب بالتفاوض حولها نحو الأمام لسبب بسيط هو أن أحد الأطراف أو أكثر من طرف لا يعتبرون أنفسهم معنيين، فهم مرتاحون لوضعهم ولا يرجون شيئا من التفاوض معك، وإذا كان لديهم قوة تنظيمية أعظم من تلك التي بحوزتك، فقد ينصرفون عنك "بفظاظة" بنماذج من الملاحظات مثل" لا أعتقد أن هناك داعيا لمناقشة هذا الأمر، فالأحوال جيدة" أو"إن وضعنا مرتهن لأقصى حد بالموازنة حتى أنني لا أستطيع أن أناقش الأمر قبل اشهر".
يقول جودث ويليامز وديبورا كولب في كتابهما(Harvard Business Review):" إن المقاومة هي جزء طبيعي من مسار التفاوض غير الرسمي، وإن أي اهتمام سيوصف بأنه سماع عادل عندما يعتقد شخص ما بشيئين أثنين: أن الطرف الآخر لديه شيء يتمناه، وأن أهداف المرء لن تُلبى دون إعطاء شيء ما بالمقابل.
إذن: الاستعداد للتفاوض هو اعتراف بحاجة متبادلة.
وعلى نحو أكثر دقة:لابد للمعارضين أن يستنتجوا بأنهم سيكونون في وضع أفضل لو أنهم فاوضوا،وفي وضع أسوأ إذا امتنعوا عن الدخول في التفاوض.وهنا يقترح ويليامز و كولب ثلاثة أشياء يمكنك القيام بها لمساعدة المفاوضين المترددين للوصول الى هذه القناعة:
- قدّم حوافز: ماهي حاجات الشخص المتردد؟ المال؟، الوقت؟،الدعم والمساندة؟قرر هذه الحاجات ثم ادفع بها لأنها منافع محتملة للمفاوضات.فمثلا إذا كان رئيسك أو مدير المبيعات مترددا لأن يعطيك وقتا لكي تعيد تصميم نظام لمخزون الشركة، قدّم شرحا عن أن نظاما متطورا سيساعد في حل إحدى مشكلاته_ مبيعات ضائعة بسبب عدم توفر نظام مخزون_.
- ضع ثمنا للوضع القائم:أفصح عن الكلفة المترتبة على عدم التفاوض.كأن تسعى لتأمين عرض عمل لدى شركة أخرى إذا ماطلك المدير في مناقشة زيادة مرتبك . إن هذا قد يجبر مديرك على التفاوض أو مواجهة عملية مكلفة ومستهلكة للوقت لو أراد أن يوظف مكانك شخصا آخر." أي بيّن له ثمن الوضع" .
_ احشد الدعم: يستطيع الحلفاء أحيانا تحقيق مالا تستطيعه مقاييس أخرى. فمثلا لو أن مديرك في المثال السابق أصرّ على أن لا يعطيك وقتا لتقوم بتحسين نظام المخزون، تطلع نحو حلفاء لديهم نفوذ تنظيمي ودافع لكي يناصروا هدفك، فعلى سبيل المثال يستطيع المسؤول المالي أن يدعم أي خطة لتحسين إدارة المخزون، فهو يدرك أن إدارة أفضل للمخزون تعني متطلبات أقل لرأس المال العامل، وهو أمر يجعل الخطة تبدو جيدة. وعندما يجد المدير أن الأمر وصل الى الإدارة العليا فمن المرجح أنه سيقبل بالتفاوض.
عندما تستعمل واحدا أو أكثر من هذه الترتيبات، سوف يرى الطرف الآخر فائدة في التفاوض معك.وبالتالي تكون قد أتيت بالجانب الآخر الى طاولة المفاوضات.عند ذلك يصبح من المهم أن تدفع بالأشياء نحو بداية سلسة وتبدأ مناورات التفاوض.
وللمناورات التفاوضية ثلاث مراحل سوف نذكرها تفصيليا وهي مناورات الافتتاح ومناورات المرحلة الوسطى ثم مناورات الختام
مناورات الافتتاح:
 وهي المرحلة الأولى وهي البداية عند التفاوض في أي نوع من المفاوضات وهنا يجب أن تعرف شيئا هام وهو ادّعي بالباطل يأتيك الحق وهذه نقطة هامة جدا أي يجب أن تطلب أكثر مما تتوقع لأنك إذا طالبت فقط ما ترجو أن تحصل عليه فلن يتاح لك مجال أوسع للتفاوض وهي من البديهيات جدا لأنك في هذه الحالة لن تكون الظروف مواتية لفوزك لأنك إذا تمسكت بما قررت الحصول عليه فانك سوف تواجه موقف لا يحتمل إلى احد أمرين لا ثالث لهما وهما القبول أو الرفض. وبذلك قد تجعل الطرف الآخر يقف موقف الخسارة أو الشعور بها بينما لو طلبت أكثر مما تتوقع فانك سوف تبقي الطرفين بعيدا عن الإحساس أو الشعور بالخسارة لان الأمور سوف تتقارب بالتنازلات في المفاوضات. ولكن أحيانا لعدم مقدره الشخص المقابل لك بالتفاوض فقد تطلب زيادة عما تتوقع ويقابل بالقبول من الطرف الآخر وبذلك تكون أنت كسبت أكثر مما تتوقع. وان لم يحدث ذلك وتظاهرت بتقديم تنازلات للطرف الأخر فيجب أن تقدمها بمقابل أيا كان قدره.
السؤال الآن ماهو مقدار الزيادة التي يتعين عليك طلبها ؟
لكي تجيب على هذا السؤال يجب أولا أن تعرف وتحدد هدفك ثم تقدم العرض أعلى من هدفك بمقدار بعد ما يقدمه الطرف المقابل عن الهدف.
مثال:
تاجر عقار يريد بيع عماره بمبلغ 400 ألف يورو وأنت لا تريد أن تدفع إلا 350 ألف يورو إذا الفرق بينكما تقريبا 50 ألف، هنا يجب أن تعرف أن الفرق 50 ألف ويجب أن تعرض اقل مما تريد أن تدفع ب 50 ألف أي تعرض 300 ألف فقط.
بهذه الطريقة أنت هيأت جو ومجال للتفاوض وسوف يقودكما التفاوض للتنازلات بين الطرفين إلى أن تصلوا في المنطقة الوسط أي أنت تتنازل بدفع 50 ألف إلى 350 وهو يتنازل عن 50 ألف ليبيع ب 350 ألف وبذلك تكون هذه المفاوضات ناجحة وتعطي شعور لكلا الطرفين بانهما كسبا ولم يخسرا في البيع وتنازلاتهما متساوية. فالبائع عندما يجد انه تنازل عن 50 قد يكون لديه شعور بأنه خسر ولكن سوف يتبدد هذا الشعور عندما يعرف انك أيضا تنازلت ودفعت زيادة خمسون ألف بقدر تنازله أي أنكما متكافئان وكلاكما كسبتم في بيعكما مثلا.
إذن : طالب بأكثر مما تتوقع للأسباب التالية:
ربما أمكنك بالفعل الحصول على ما تطالب به.
المطالبة بالكثير تتيح لك مساحة أوسع في التفاوض
تعزز قيمة العرض الذي تقدمه
تجنبك الوصول إلى طريق مسدود
تخلق لك مناخا يُشعر الطرف الآخر بأنه قد حقق فوزا.
"لاتقل نعم أبداً للعرض الأول" إذا أجبت بالقبول والموافقة على العرض الأول فانك حتما سوف تثير الشكوك لدى الطرف المقابل لك وقد يتسلل إليه مباشرة انه وقع في صفقة خاسرة. وهذه طبيعة نفسية بشريه لايمكن أن تتجاهلها ويجب الأخذ بها فعلى سبيل المثال إذا طلبت منك أن اشتري مبنى وطلبت وعرضت لك مبلغ نصف مليون مثلا ووافقت أنت مباشرة.
ألا تعتقد بأنك بعد لحظات سوف تندم وتقول ليتني طلبت أكثر لانني وافقت. بالتأكيد سوف تقولها وقد تشك بأنك لم تتمكن من تقييم المبنى والا لماذا دفعت لك مباشرة بدون مفاصلة. ونفس الشيء معي فقد اندم وأقول لماذا لم اعرض اقل. بينما قد يكون المبنى يستحق...) لذلك:
( احذر أن تقبل العرض الأول).
إن من أسباب قبولك للعرض الأول أن يكون لديك مثلا تصورات مسبقة لما يمكن أن تحصل عليه فإذا كان العرض يفوق ما تصورته فانك عندئذ تجد ما يغريك بقبوله.. ..
لذلك يجب أن تتجنب الإغراء ولا تضع تصورات مسبقة.
ارفض مقترحات الطرف المقابل وعروضه بدهشة ويجب أن تكون هذه الدهشة والرفض ظاهرا منك كرد فعل تجاه مقترحات الطرف الآخر. وعندما يلاحظ الطرف الآخر هذه الدهشة والرفض فانه من هنا يبدأ في تقديم التنازلات لك. لذلك فان هذه الدهشة والرفض إذا لم يبدو عليك ظاهرا للطرف الآخر فانه سوف يكون اقل مرونة معك وقد يتسلل إليه شعور بأنك على وشك الموافقة.وللغة الجسد هنا تأثير هام جدا في التفاوض سنأتي على ذكرها لاحقا.
دائما يجب أن تكون متمنعا سواء كنت بائع أو مشتري المشترين إذا رأوا انك متحمس للبيع فتأكد تماما بأنهم سوف يخفضون عرضهم لما تبيعه أما إذا كنت متمنعا فان الطرف المقابل المشتري سوف يتولد لديه شعور أو إحساس انه عليه أن يرفع عرضه لإتمام الصفقة.
وبذلك تكون قد وسعت مجال التفاوض قبل أن تبدأ.
أيضا لكي تبدأ بداية صحيحة  تضمن لك نهاية ناجحة ، فان هناك مجموعة من "الحِيَل" التفاوضية  أُطلق عليها : حيل بداية التفاوض
سوف نستعرضها باختصار:
- استخدام الأسلوب الملزم : ويعد أكثر الحيل الفعالة ،إنه سوف يذهلك عند تطبيقه .
انه مجرد ذكر هذا التعبير البسيط :"يمكن أن يكون عرضك أفضل من ذلك " .لا أكثر ولا أقل .ولكن كيف؟؟
دعنا نفترض أنك تمتلك شركة صغيرة لإنتاج مادة معينة وتبيع منتجاتها بالجملة ، وتقوم أنت بصفتك صاحب الشركة بالاتصال بأحد الموزعين لبيع إنتاجك، ويقوم المشتري بالاستماع الى عرضك والتعرف على الهيكل السعري للمنتج، ولم تكن تعلم بأن المشتري على أتم الاتفاق مع مورده الحالي، ولم تكن لديه رغبة في التخلي عنه، بل انه قد بذل جهدا في إقناع نفسه بقبول منتجك. فأخيرا ستجد هذا الشخص يرد قائلا:إنني في منتهى الوفاق مع الشركة التي توّرد لي حاليا ،ولكني لا أمانع في الاستعانة بمورد احتياطي كي استحث موردي على المزيد، يمكنني أن أشتري منك حمولة سيارة واحدة شريطة أن يتم تخفيض السعر بنسبة "كذا" .
في هذه الحالة يجب أن تلجأ للحيلة الملزمة وتجيبه بمنتهى الهدوء:" آسف ، ولكن يجب أن يكون عرضك أفضل من ذلك "
إذا كان المفاوض ذو خبرة فسوف يجيبك على الفور باستخدام الحيلة المقابلة قائلا: " إلى أي مدى بالضبط تريدني أن أحسّن مستوى العرض؟"
"يحاول المفاوض هنا أن يجبرك على تحديد مطلبك" .ومع ذلك فإن ما يحدث عادة هو وقوع المفاوض غير المحنك في الفخ بل وتنازله عن المساحة الأكبر في رقعته التفاوضية فقط للرد على هذه العبارة .
فالخطوة التالية إذاً بعد إلقاء عبارة "  ألا يمكنك أن تقدم ما هو أفضل؟ أن تصمت ! اصمت ولا تنبس ببنت شفه. قد يبادر الطرف الآخر على الفور بتقديم تنازلا وهو ما ُيطلِق عليه رجال المبيعات"العبارة الساكنة" وهم يتعلمونها دائما في الأسبوع الأول للعمل.تقدم العرض ثم تصمت، قد يجيبك الطرف الآخر على الفور:"نعم" لذا فإنه من الحماقة أن تنطق بكلمة واحدة قبل أن يصلك رد الطرف المقابل إما بالقبول أو الرفض.
" جلس اثنين من رجال المبيعات على طاولة مفاوضات،وكان أحدهما يسعى لشراء عقار من الطرف الآخر، فقام المشتري بتقديم عرضه ثم صمت تماما كما تعلّم في مدرسة أصول البيع ،أما رجل المبيعات الأكثر خبرة أدرك مباشرة أن الطرف الأول يستخدم حيلة العبارة الصامتة ، فالتزم الصمت أيضا . واستمر الصمت دقائق ، فقام المفاوض الأكثر خبرة بكسر حاجز الصمت بأن كتب على ورقة " قرار" (لاحظ أنه لم يتكلم ) وتعمد أن يخطأ بصياغة الكلمة . ودفع الورقة عبر الطاولة إلى المفاوض الآخر ، فنظر الطرف الآخر إلى الكلمة وقال بدون تفكير: لقد أخطأت في كتابة كلمة قرار" . وبمجرد أن بدأ يتكلم لم يتوقف عن الحديث فواصل حديثه قائلا:إن لم تكن على استعداد لقبول العرض فربما يمكنني أن أقدم 2000 دولار إضافية ولكنني لن أزد على ذلك . لقد بدأ يعيد التفاوض مع العرض الذي قدمه دون أن يحصل على رد الطرف الآخر .
إن استخدام الأسلوب الملزم يعني : أن يرد المفاوض المحنك على عرض الطرف الآخر أو عرضه المقابل قائلا: آسف ألا يمكنك أن تقدم ماهو أفضل من ذلك؟؟ ثم يلتزم الصمت .
إذاً:
- الجأ إلى الأسلوب الملزم للرد على العرض أو العرض المقابل:"يجب أن يكون عرضك أفضل من ذلك"
-إذا لجأ الطرف الآخر إلى هذا الأسلوب ، استخدم الحيلة المقابلة قائلا: "إلى أي مدى بالضبط تريدني أن أحسّن عرضي؟" مما سيجبر الطرف الآخر على تحديد مطالبه.
- ركز تفكيرك في قيمة المبلغ الذي تفاوض من أجله، وإياك أن تنشغل بالقيمة الإجمالية للصفقة .
-إن التفاوض القوي هو أقصر الطرق لتحقيق الربح .
لكن يبقى هناك سؤال مهم:إن كنت تطالب بما هو اكثر مما تتوقع الحصول عليه فإلى أي مدى يمكنك أن تطلب؟؟
الإجابة هنا هي: أنك يجب أن تقوم بحصر هدفك، يجب أن يكون عرضك المبدئي وسطا بين العرض والهدف الذي تسعى لبلوغه،كما يجب أن يكون كذلك بالنسبة للطرف الآخر ، أي أن يكون وسطا بين عرضه المبدئي والهدف الذي يسعى لتحقيقه. على سبيل المثال :
يطلب صاحب السيارة مبلغ 15 ألف دولار بينما ترغب أنت بشرائها بمبلغ 13 ألف ، هذا يعني أن عرضك المبدئي يجب أن يكون 11 ألف دولار.
بصفتك رجل مبيعات، يقوم أحد المشترين بعرض 16 دولار  ثمنا للسلعة وأنت ترى أن 17 دولار هو ثمنا مناسبا، مبدأ الحصر هنا يملي عليك أن تبدأ عند السعر 18 دولار، فان انتهى الأمر عند منتصف المسافة بينكما فهذا يعني أنك تمكنت من إصابة هدفك .
هذا لا يعني إطلاقا أنه يجب أن تعقد الصفقة دائما في منتصف المسافة بين الطرفين، ولكن يمكنك دائما أن تعمد إلى هذا الافتراض إن لم تكن تملك من المعلومات ما يكفي لتغيير وضعك المبدئي. وأفترض دائما أنك ستصل إلى منتصف المسافة بين الوضع المبدئي لكلا العرضين. راقب الأمر سوف تندهش من مقدار صحة هذا المبدأ .
لاحظ هذه الحالة التطبيقية لمبدأ الحصر:
عام 1982 كانت أمريكا تتفاوض مع المكسيك بشأن سداد دين دولي ضخم قدره 82 مليار دولار، وكانت الحكومة المكسيكية لا تنوي سداد الدين.وفي محاولة لإيجاد حل مبتكر للأزمة اقترح الجانب الأمريكي على الجانب المكسيكي، أن تقوم المكسيك بتزويد أمريكا بكميات ضخمة من البترول كي تضيفه إلى الاحتياطي الاستراتيجي ، ووافقت المكسيك ،إلا أن هذا لم يكن كافيا لحل الأزمة ، فأقترح الأمريكان على الجانب المكسيكي أن يدفع 100مليون دولار كمصاريف تفاوض، عندما وصل الطلب إلى الرئيس المكسيكي رفض رفضا قاطعا وقال : أبلغوا رونالد ريغن أنني لن أدفع مليما واحدا كنفقات تفاوض .
لقد وقع الرئيس المكسيكي بالفخ وقدم عرضا عبارة عن (صفر) ولكنه فتح بابا للتفاوض، الجانب الأمريكي يطلب 100 مليون والجانب المكسيكي عرض مبلغ (صفر) ،وانتهت المفاوضات بأن حصل الأمريكان على 50 مليون دولار.
إذاً فاقتسام الفارق يعد حلا لحسم التفاوض على مستوى الأشياء الصغيرة والكبيرة ، فان المفاوض المحنك يعلم تمام العلم أنه بإتباع مبدأ"الحصر" سوف يحصل على كل ما يسعى إليه.
وحتى تتمكن من إجراء الحصر يجب أن تحمل الطرف الآخر على المبادرة بطرح موقفه"كما فعل الأمريكان مع الرئيس المكسيكي" .أما إذا تمكن الطرف الآخر من حملك أنت على تحديد موقفك أولا فهو الذي سوف يتمكن من إجراء الحصر، وإن انتهى المآل إلى اقتسام الفارق فسوف يحصل هو على ماكان يسعى إليه. لذلك يجب أن تدفع الجانب الآخر إلى تحديد موقفه أولا.
لكي تتم صفقة عليك أن تحضر لها جيدا قبل أن تبدأ بالتفاوض، ويجب أن يكون التحضير من خلال إعداد دراسة ورؤية واضحة لما يلي:
فهم مصالحك ومصالح الطرف الآخر والبدائل الأفضل لكما
تحديد الفرص المحتملة لإيجاد قيمة ما
تقرير مستويات السلطة لكلا الجانبين"سنأتي عليها في الفصل الثاني"
معرفة الجانب الآخر وفهم ثقافته
التحضير للمرونة
إظهار العدالة للموقف المتخذ
تغيير المسار عند اللزوم ليصبح في صالحك.
مناورات وسط التفاوض

Post a Comment

Previous Post Next Post