الهندسة البشرية
**********************************************************************************************************************
المقدمة :
     الهندسة البشرية أسلوب فني يطبق المعرفة العلمية للسلوك الإنساني بغية صنع الأنواع المختلفة من المعدّات التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية. وتُسمى أيضًا هندسة العوامل البشرية.
 وتهدف الهندسة البشرية إلى صنع آلات تكون ملائمة بقدر الإمكان للاستخدام الآدمي، ويحاول مهندسو العوامل الإنسانية تصميم آلات تتلاءم مع قدرات وإمكانات البشر.
     وفي أوائل القرن العشرين، اكتشف المهندسون أن كفاية الآلة تعتمد غالبًا على تلك العوامل البشرية مثل مزاج العامل وراحته وحالته الجسمانية ، وفي الوقت نفسه درس علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء آخرون السلوك الإنساني لكي يتعلموا كيف يمكن أن يؤثر في الإنتاج.
  وقد تطورت الهندسة البشرية انطلاقًا من تصميم أنظمة الحاسب الآلي والسيارات ومعدات المكاتب والآلات الزراعية والصناعية والأجهزة المنزلية.
     وإضافة إلى ذلك  فإن الهندسة البشرية هي دراسة العلاقة بين الفرد وبيئة عمله بغية أداء العمل بكفاءة أكبر والتقليل من حالات التعب والإجهاد التي يتعرض لها الفرد ، فالبيئة التي يعمل فيها الفرد ليست المحيط أو الحيز الذي يوجد فيه فحسب ، بل تشمل جميع المكائن والآلات وطرق العمل والتنظيم الذي يعمل فيه مع أفراد آخرين ولها علاقة مباشرة بالفرد من حيث قدراته وقابليته .
     إن الهندسة البشرية مرتبطة بمجموعة من العلوم لها علاقات تبادلية ، كدراسة العمل ، الهندسة ، علم النفس ، الطب ، البيئة ، وغيرها . فإن العلوم الهندسية تهتم بمواصفات المكائن والمعدات  وتصميم الإنتاج ، بينما العلوم الطبية تهتم بدراسة الجسم البشري ، في حين إن علم النفس يهتم بدراسة السلوك البشري في ظروف مختلفة ، بينما دراسة العمل إلى تحسين طرق العمل وتحديد الأوقات القياسية ، ومن هنا تبرز طبيعة العلاقة بين دراسة العمل والهندسة البشرية .
    فالهندسة البشرية تمثل مجموعة من العلوم ترتبط مع بعضها البعض بعلاقة تبادلية كدراسة العمل ، الهندسة ، وعلم ، الطب ، والانثرولوجيا ، فبالقدر الذي تستفيد الهندسة البشرية من هذه العلوم في تطوير وطرقها ، فإنها تساهم وبشكل كبير في تطوير تلك العلوم .
   

-  62-
الغاية
   إن الأهداف الرئيسة من الهندسة البشرية وتتضمن ما يلي :
أولاً - التعرف على النماذج الجديدة وما يتضمنه من مفاتيح لسبل النجاح الإداري .
ثانياً - تزويد المشارك بمهارات معرفية متقدمة في مجال إدارة الموارد البشرية تضعهم في الصورة المستقبلية المطلوبة لصيغ التعامل مع الموارد البشرية وتنميتها.
 ثالثاً - إكساب المشاركين مهارات معرفية حول مفاهيم وقضايا المؤسسات الافتراضية وأهميتها في تحسين الكفاءة والإنتاجية وتوفير ضمانات النجاح والبقاء .
رابعاً – تأهيل المشارك بمهارات متخصصة في استخدام تقنيات الإدارة الإلكترونية.
خامساً - إكساب المشارك مهارات متقدمة في استخدام تقنيات المواءمة بين الموارد البشرية وبين الهياكل التنظيمية التي تفرضها الهندسة الإدارية والإدارة الإلكترونية.
        إن علم الهندسة البشرية* Ergonomics هو أحد أفرع العلوم الحديثة ،والذي يعنى بالتفاعل الصحي والآمن بين العنصر البشرى والعناصر الأخرى لنظام ما في بيئة العمل عن طريق التصميم السليم لهذه العناصر وتقييم وتحليل أنشطة ووظائف العمل المختلفة ، ودراسة بيئة العمل بهدف جعل النظام مريحاً وآمناً للإنسان ويتفق واحتياجاته وإمكانياته ومواصفاته الجسمانية.                   
     والهندسة البشرية تعنى أيضاً بتصميم الآلات والماكينات والمنتجات وأنظمة العمل بهدف توفير السلامة والبيئة المريحة للإنسان العامل عليها بالتخلص من أسباب الإجهاد البدني ، فهي تهتم ضمناً بدراسة النشاط العضلي الحركي للإنسان لكي يتوافق حجمه وشكله وقوته البدنية وإمكانياته مع الآلة والمنتج وبيئة العمل بوجه عام.                                    ..
    كما تهتم بسرعة الأداء والكفاءة في العمل ويعكف علماء الهندسة البشرية باستمرار على تطوير تصميمات المنتجات وتصحيح نظم العمل المختلفة للوصول بها إلى الأفضل بدءاً من استخدام فرشاة الأسنان وحتى مقاعد جلوس رواد الفضاء في سفينتهم.                        .
    ونظراً لأن الإنسان ليس في قوة الآلة ولا يستطيع أن يحسب بالسرعة والدقة التي يقوم بها الكمبيوتر مثلاً وعلى العكس من الآلة هو في احتياج دوماً إلى النوم ومعرض للمرض والحوادث ، وقد يرتكب أخطاء كثيرة إذا عمل متواصلاً بدون أخذ قسط من الراحة.
*********************************************************************************************************************** منتدى الهندسة – الفصل الثالث -  2007 م .
-  63 -

    
ولأن الآلة أيضاً لها قدرات محددة فالسيارة لا تستطيع إصلاح نفسها والكمبيوتر لا يستطيع الكلام أو السمع مثل الإنسان، وأن الآلة لا تستطيع أن تطوع أو تصحح نفسها مع الظروف غير المتوقعة مثل الإنسان.
      فإن نظام التصميم الجيد يوفر الأداء الأمثل لأنه يقوم بدراسة كافة نواحي القوة والضعف لكل من العنصرين البشرى والآلي ، فيصبحان وحدة واحدة طبقاً لأسس وقواعد علم الهندسة البشرية.
    وأحد من الأهداف الرئيسية لـ علم الهندسة البشرية هو منع الحوادث والأمراض الناجمة عن العمل ،
   وقد أظهرت إحصائيات تصدر سنوياً في الولايات المتحدة أن أكثر من 60% من الأمراض بسبب العمل هي تلك التي تتضمنها الإصابات الناجمة عن الحركات المتكررة والمستمرة
مثل ربط مسامير معينة في خط إنتاج تجميعي .                                     
   وأحد أعراض هذا المرض هو إصابة العامل بارتعاش لا إرادي في يده بعد استمراره في العمل مدة طويلة وإظهاره نفس حركات ربط المسمار بيده                 .
 
    البعض منا قد شاهد أحد الأفلام القديمة لشارلي شابلن وكان يقوم بدور عامل في مصنع على خط إنتاج تجميعي يتحرك أمامه بسرعة معينة ووظيفة شارلي شابلن هي ربط صامولة بمفتاح في حركة سريعة ومتكررة.
   وكان من عادة صاحب العمل أن يزيد من سرعة خط الإنتاج عند اقتراب موعد انصراف العمال طمعاً في كسب المزيد من الوقت ، وبالتالي ازدادت سرعة العمل وسرعة الحركة المتكررة فى ربط الصامولة.
      وكانت النتيجة أن خرج شارلي شابلن من المصنع يعانى من أعراض هذا المرض بحركات سريعة بيده مشابهة تماماً لعمله في المصنع في أسلوب كوميدي مضحك ولكنه صحيح من الناحية العلمية  هناك فى حياتنا الكثير من الأعمال التي يصاحبها حركات متكررة ولمدة كبيرة وينجم عنها إصابات مؤلمة لرسغ اليد وقد يؤدى إلى تورمه أو تؤدى هذه الأعمال إلى إصابات الظهر (1 ).
وهذه الإصابات شائعة بين الأشخاص المكلفين بأعمال تتطلب انحناءهم على الأرض باستمرار أو مد الذراعين لمناولة أشياء في حركة مستمرة. ومثلها النقر بالأصابع على لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو فى أعمال   تقطيع اللحوم أو التقاط أحمال ورفعها من الأرض.                  .
  (1). ترجمة فهد المكلي -الهندسة البشرية – 2002 م – السويد   
                                                                   - 64 -                                   .                                                                                       
        وأعمال الهندسة البشرية تعالج هذه المشكلات بالتصميم السليم لمكان العمل ووضع الأدوات ووسائل تشغيل الآلات مثلاً في المتناول دون الاضطرار للالتفاف بالجسم أو الانحناء أو الامتداد بالجسم والذراع لالتقاط شيء بعيد قليلاً عن متناول اليد ، كذلك تقوم بالتصميم السليم للمكاتب والمقاعد لكي تلاءم كافة الإحجام والأطوال للأشخاص  .                               .
   وأما بيئة العمل لها تأثير كبير على سير العملية الإنتاجية لأنها الفرد العامل هو الذي يعمل في هذه البيئية وأنها تشمل الحرارة ، والإضاءة ، والضوضاء .
أولاً – الحرارة   :
       تشمل الحرارة المكان الذي يعمل العامل فيه، والمقصود بدرجة حرارة هي عبارة عن مقياس لبيان تأثير الطاقة المخزونة .
     فترتيب درجة حرارة  الرطوبة في المصنع أو أي مكان للعمل ضرورية بما تلائم حالة العامل صحياً بحيث تكون البيئة صالحة للعمل بدون أي تعويق ، كذلك نسبة الرطوبة والتهوية اللازمة .
ثانياً – الإضاءة :
       تؤثر  الإضاءة  الكافية بشكل ايجابي على العاملين في مواقع العمل ، وأما الإضاءة الرديئة تؤثر سلباً على العاملين والإنتاج في مواقع العمل .
     بالرغم من أن الضوء الطبيعي عير كافية في مواقع العمل لا بد من ترتيب شدة الإضاءة في مواقع العمل يجب أن تكون متجانسة على أن لا تتجاوز المسموح لغرض حماية العين من الأضرار .
   قد تتساوى شدة الإضاءة الصناعية مع الإضاءة الطبيعية ،  إلا إنها  تختلف عنها من حيث الجودة بسبب اللون ودرجة التجانس .
ثالثاً – الضوضاء :
        تعتبر الأصوات المكائن والمعدات من أهم مصادر تلوث البيئة ، والضوضاء عبارة أصوات مزعجة وعير مرغوبة فيها .   
    وعند ترتيب أي موقع للعمل فيجب أخذ بنظر الاعتبار شدة الصوت في موقع العمل بحيث تكون منسجمة مع الحد المسموح بها وذلك لتجنب حالات فقدان السمع وكذلك استعمال واقيات الأذن أثناء العمل (1 ) .
**********************************************************************************************************************
(1 )   المدخل دراسة العمل – ص 214 – مصدر سابق  .
- 65-
الخاتمة
    والهندسة البشرية لها دور هام فى توفير بيئة العمل وتصميم ظروف العمل البيئية الآمنة مثل درجة الحرارة المناسبة والإضاءة حسب نوع العمل والتحكم في الضوضاء والتهوية.                          .
   وهى تهتم أيضاً بزيادة كفاءة العامل وإنتاجيته مثل وضع أكثر القطع أو الأدوات استخداماً قريباً منه مع ترتيب نظام العمل بحيث يوفر الراحة والسهولة والسلاسة أثناء العمل ، فتكون النتيجة معدل سريع للعمل وبمجهود أقل دون حوادث.                           
       إن الإنسان عنصر من عناصر النظام الإنتاجي وللإنسان دور بارز في العملية الإنتاجية  ، كونه يشكل أهم عنصر الذي يعمل مع المكائن والمعدات وتشكلان وحدة متكاملة .
    فعندما يقوم العامل بأداء النشاط يستلم  أوامر خلال الحواس فتتكون لديه معلومات ومن ثم تتفاعل هذه المعلومات ومن الدماغ يقوم يترجمها وإرسال إشارات إلى الأعضاء الحسية للتنفيذ.
     كما أن تطبيق علم الهندسة البشرية في أعمال التصميم الداخلي للمنازل وتوزيع العناصر والمكونات يتيح مثلاً توافر مطبخ مريح وآمن لربة البيت فتنجز عملها سريعاً بأقل مجهود وبأمان أكثرً.
    كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار الارتفاعات المناسبة لأثاث المطبخ مثل الدواليب العلوية وطاولات العمل بما يتفق وطول وحجم العنصر البشرى (ربة البيت) الذي سيعمل عليها فلا يعقل مثلاً أن نقوم بشراء مطبخ تصميم سويدي ونفاجأ بعدم مناسبته لنا نظراً لأن شعب السويد يتميز بطول القامة الفارع.
  الأمراض المهنية : هي أمراض محددة و ناتجة عن التأثير المباشر للعمليات الإنتاجية وما تحدثه من تلوث لبيئة العمل بما يصدر عنها من مخلفات ومواد وغيرها من الآثار وكذلك نتيجة تأثير الظروف الطبيعية المتواجدة في بيئة العمل عن الأفراد ( الضوضاء ، الاهتزازات، الإشعاعات، الحرارة ، الرطوبة ) وتؤدي الى النتائج المترتبة على إصابات في مواقع  العمل .
     ولغرض تقليل الإصابات الناتجة من جراء العوامل البيئية يجب مراعاة الإنسان في فيها عن طريق زيادة وسائل الحديثة لتقليل الصوت وشدة الضوء والإشعاع وغيرها .
إن توفير بيئة عمل آمنة من مخاطر الصناعات المختلفة ورفع مستوى كفاءة ووسائل الوقاية سيؤدي بلا شك إلى الحد من الإصابات والإمراض المهنية وحماية العاملين من الحوادث ومن ثم خفض عدد ساعات العمل المفقودة نتيجة الغياب بسبب المرض أو الإصابة، وكذلك الحد من تكاليف العلاج والتأهيل والتعويض عن الإمراض والإصابات المهنية مما سينعكس على تحسين وزيادة مستوى الإنتاج ودفع القوة الاقتصادية للدولة .
- 66 -
المراجع
أ- المرجع العربية  
 1 . الدكتور جلال محمد ألنعيمي -  1990 م – جامعة الموصل – العراق .

2 . الدكتور محمد طاقة و الدكتور حسين عجلان حسن – اقتصاديات العمل – 2008 م – مكتبة الشارقة .
3 . الدكتور   بو عبد المحسن   - قياس  الأداء 2008,م  - الرباط -  المغرب .
4 . برنار غريه (1989) طُرق الإحصاء (ترجمة هيثم لمع) المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الجمهورية اللبنانية.
5 . بول، ج هويل (1984 ، المبادئ الأولية في الإحصاء (ترجمة ومراجعة بدرية عبدا لوهاب، ومحمد الشر بيني)، دار جون ويلي وأبنائه، نيويورك.
6, عبدا لرزاق أمين أبو شعرة (1997) ، العينات وتطبيقاتها في البحوث الاجتماعية، الإدارة العامة للبحوث، معهد الإدارة العامة، الرياض.
7       . عبدا لمنعم الشافعي وآخرون (1978)، الإطار السكاني: جمع البيانات: التحليل الديمغرافي ، السكان والتنمية، اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا، الأمم المتحدة، بيروت.
8       . عبدا لرحمن محمد أبو عمه (1995)، مُقدمة في المعاينة الإحصائية، جامعة الملك سعود، الرياض.
9 .جلال مصطفى الصياد ومصطفى جلال (1990)، مُقدمة في طُرق المعاينة الإحصائية، مكتبة الصباح، جدة، المملكة العربية السعودية
10  .الدكتور عادل رمضان الزيادي – إدارة الموارد البشرية  – 2005 – جامعة عين الشمس .



- 67 -


ب - المرجع الأجنبية



  .1Contemporary Strategy Analysis, R. Grant, Fourth   Edition, Blackwell, 2002 .
2  . Seymour Sudman (1976), Applied Sampling, Department of Business Administration and Sociology and the Survey Research Laboratory, University of Illinois, Urbane - Champaign, Urbana Illinois, Academic Press, New York.
 3 .Richard L. Scheaffler, William Mendenhall, Lyman O (1995), Elementry Survey Sampling, PWS-KENT Publishing Company, Boston, USA.
4 . P.V. Sukhatme & B.V. Sukhatme (1970), Sampling theory of Survey with Applications, Iowa State University Press. Ames, Iowa, USA.
5 . Competitive Dynamics International – Program for Mission – Dircted Work Team – Siwss.2007.














Post a Comment

Previous Post Next Post