اقتصاديات النقود والبنوك
مقدمة
يهتم اقتصاديات النقود والبنوك بد ا رسة الت ا ربط الوثيق بين المفاهيم الثلاثة النقود ٬ البنوك ٬ والأسواق
المالية كوحدات متكاملة بهدف د ا رستها جميعاً في آن واحد للتعريف بنشأة وتط ور النقود والبنوك وطبيعة
النقود وماهيتها ووظائف وأنواع النقود والنظم النقدية والسياسات النقدية والنظريات النقدية ٬ والمناهج
التحليلية للتوازن النقدي والمؤسسات النقدية ٬ ود ا رسة الأسواق المالية وأنواعها وأدواتها والتوازن الاقتصادي
بهدف تهيئة الطالب وظيفياً عند شغله لأي وظيفة تتعلق بهذا المجال .
4 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
التطور التاريخي للنقود :
قبل ابتكار النقود ٬ مثلت قدرة الفرد على إنتاج سلع وتوفير خدمات للآخرين ٬ السبيل الذي يفسح المجال
أمامه لمقايضتها مقابل سلع وخدمات يحتاجها ولكنها متوفرة لدى الآخرين ٬ وهذا ما يطلق عليه باقتصاد
المبادلة أو المقايضة .
-1 اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
قبل أن يبتكر الإنسان النقود ٬ اضطر لاستخدام السلع والخدمات كأدوات لاستبدالها مقابل سلع وخدمات
تكون بحوزة الآخرين , لذلك فإن قدرته على اقتناء ما لدى الجانب الآخر كان يعتمد على ما لديه من سلع
وخدمات يقبل بها الطرف الآخر وذلك نتيجة لعدم وجود أداة وسيطة كالنقود في الوقت الحاضر .
وبناءً علية يمكننا تعريف المقايضة على أنها :
عملية تبادل سلع مقابل سلع أخرى أو خدمات مقابل خدمات أخرى أو أي توليفة من سلع وخدمات لا
تدخل فيها أداة وسيطة موحدة بالمفهوم المتعارف عليه الآن وهو النقود .
سلبيات اقتصاد المبادلة أو المقايضة :
احتمال عدم توافق الرغبات . •
احتمال تلف وتناقص قيم السلع . •
وجود تكاليف نظير تخزين السلع . •
الحاجة إلى معلومات وبيانات عن أثمان السلع . •
الحاجة إلى التنقل بين الأسواق ٬ الأمر الذي يترتب عليه ضياع الوقت والجهد . •
صعوبة تجزئة السلع والخدمات . •
هذه الأمور مجتمعة ساهمت في حث الإنسان على البحث عن بدائل ٬ وانتهى المطاف به عند ابتكار
النقود واستخدامها كأداة وسيطة للتبادل .
-2 اقتصاد النقود :
حتى يقبل الأف ا رد ببديل عن المقايضة ٬ فإنه لا بد أن يكون البديل قادر على التقليل من سلبيات اقتصاد
المبادلة أو أنه يوفر وضعاً تكون الايجابيات الناتجة عن القبول به أفضل منها في اقتصاد المبادلة أو
المقايضة .
5 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
فخلال فت ا رت سالفة استخدم الإنسان فيها الذهب أو الفضة ومعادن وسلع أخ رى لتقوم ببعض هذه المهام
التي تقوم بها النقود حالياً ٬ إذ كانت لها قيمة تبادلية إلى جانب قيمتها كسلعة ٬ وهو ما يعرفها بالنقود
السلعية ٬ فعلى سبيل المثال استخدم الصوف والماشية والمحاصيل الز ا رعية والذهب والفضة كأدوات
للتبادل إلى جانب استخداماتها الاستهلاكية الأخرى إلا أن قيمتها لكلا الفرضين قد تختلف .
أما النقود المستخدمة حالياً وهي لا يمكن تحويلها من ورق إلى أي شيء آخر ٬ فيطلق عليها النقد بأمر
الحكومة " حيث أن القيمة النقدية لهذه الأداة أكبر من قيمتها السوقية كسلعة ٬ ولا تتعهد الحكومة بتحويلها
إلى أي شيء ٬ بل تكتسب أهميتها من قبل الناس لها .
-3 قاعدة الذهب :
قامت قاعدة الذهب على أساس قبول البنوك المركزية والحكومات المختلفة لاستبدال عملاتها بذهب ٬
وعلى أساس تحديد قيمة كل عملة مقابل كمية محددة من الذهب ٬ أصبح سعر صرف العملات بعضها
مقابل بعض يتحدد بناءً على علاقة كل عملة بالذهب ٬ وعليه أصبح الذهب هو العامل المشترك بينها .
لقد نظر العالم إلى تكريس العلاقة بين النقد الذي يصدره كل بلد والذهب على أنه وسيلة لتجسيد مصدر
من مصادر الاستق ا رر في قيم المبادلات التجارية التي قد تنتج نظير تغي ا رت في أسعار العملات بعضها
مقابل بعض.
خصائص قاعدة الذهب :
-1 وجوب تحديد قيمة العملة المحلية بمقدار محدد من الذهب .
-2 ضرورة مواكبة عرض النقود المحلي لكمية الذهب المتوفرة بالبلاد وهذه القاعدة مهمة للحفاظ
على العلاقة ثابتة بن العملة المحلية وما تساويه من الذهب .
-3 استعداد الحكومة لاستبدال العملة المحلية بما يساويها من ذهب دون حدود وقيود تفرض على
كميات التبادل التي تنطوي عليها هذه العملة .
ملاحظة : لقد كان يستخدم الذهب لأغ ا رض النقد إلى جانب استخدامه لأغ ا رض أخرى كالزينة مثلاً وهذا
يعني أن الكمية المعروضة من الذهب يجب أن تفي بطلبات القطاعين ٬ لأن زيادة الطلب على الذهب من
أجل الزينة يمكن أن يؤدي إلى تناقص كمية الذهب المتوفرة لتوفير الغطاء التام لكمية النقد المصدر
والعكس صحيح .
6 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
( Gresham’s Law ) قانون جريشم
لكي أتمكن من توضيح قانون جريشم سأقوم بضرب المثل التالي :
إذا كان هناك نوعان من العملة المعدنية تكون كمية الذهب التي تحويها العملة الأولى مساوية للقيمة
الرسمية لها ( أي المعلنة رسمياً ) ٬ في حين أن كمية الذهب في العملة الثانية ليست إلا 50 % من قيمتها
الرسمية ٬ فإن الجمهور سوف يحتفظ بالعملة الأولى مفضلاً استخدام العملة الثانية طالما أن القيمتين
الإسميتين للعملتين متساوية ٬ فمثلاً إذا ارتفع سعر الذهب فإن ذلك سوف يدفع الجمهور إلى إذابة العملة
المعدنية التي تحتوي على الذهب للحصول على المعدن في حين سوف يستخدم الجمهور العملة الفضية
لإتمام معاملات التبادل التجارية إلى حد ربما قد يصل إلى خروج العملة المعدنية ذات محتوى من الذهب
من التداول واختفاؤها .
وبناءً على ما سبق فإن تفضيل الأف ا رد استخدام النقود السيئة يدفع النقود الجيدة خارج التداول حرصاً من
الأف ا رد للحفاظ على ثرواتهم .
ففي الدول التي تتعرض نقودها إلى تناقص في قيمتها بسبب التضخم مثالاً ٬ تجد أن الناس تتجه نحو
استبدالها بنقد أجنبي والاحتفاظ بهذا النقد ٬ وبذلك استخدام النقد المحلي في عمليات التبادل بهدف
التخلص منه بسرعة للحصول على سلع وخدمات أو عملات أجنبية تكون الجيدة والمفضلة لديهم .
7 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
تعريف النقود :
لا ي ا زل معنى النقود محل جدول ويرجع ذلك إلى أهمية النقود في النشاط الاقتصادي والدور الذي تلعبه في
التأثير على الاقتصاد الأمر الذي يستدعي تحديد دقيق لمفهوم النقود وخاصة من حيث مكوناتها ٬ وكذلك
الطبيعة الديناميكية لمفهوم النقود وبالتالي احتمال الاختلاف في تحديد ماهيتها من وقت لآخر ومن دولة
إلى آخ رى بحسب ما تمليه الاستعمالات والاستخدامات الاقتصادية وظروف النمو الاقتصادي .
يوجد عدة مداخل حاولت تحديد ما هيه النقود وهي كالتالي :
أولاً : المدخل المادي لتعريف النقود :
يعرف هذا المدخل النقود على أنها تتكون من سندات بحجم ولون معين مع بعض الكلمات والرموز
المطبوعة عليها وتتكون من عملات معدنية من نوع معين .
ويعاب على هذا المدخل أنه يحصر النقود في نطاق ضيق للغاية لأنها اتخذت أشكال عديدة أخرى منها
الأحجار وغيرها ناهيك عن الأنواع الأخرى للنقود التي تطورت حتى وصلت للنقود الإلكترونية .
ثانياً : المدخل الفني لتعريف النقود :
يعرف المدخل الفني النقود على أنها أداة فنية اكتشفها الإنسان ليتخلص من خلالها من صعوبات
المقايضة.
ويعاب على هذا المدخل القصور الكبير في كثير من جوانبه حيث أنه لا يظهر الأساس الذي تركز عليه
النقود في مباشرة وظائفها في الحياة الاقتصادية .
ثالثاً : المدخل القانوني لتعريف النقود :
يعرف المخل القانوني النقود على أنها ذلك الشيء الذي تتوافر فيه القدرة على إب ا رء الذمة وتتمتع بالقبول
العام على الوفاء بالالت ا زمات داخل المجتمع .
ومما يعاب عليه هو وجود اختلاف واضح بين المنظور الاقتصادي والمنظور القانوني للنقود حيث أن
الاقتصاديين لم يشترطوا أن تتمتع النقود بالقدرة القانونية على إب ا رء الذمة وإنما هي الشيء الذي يلقى قبول
عام كوسيط للتبادل .
ا ربعاً : المدخل الوظيفي لتعريف النقود :
8 مقرر اقتصاديات النقود والبنوك
يستخدم هذا المدخل وظائف النقود لكي يستدل على تعريفها ٬ فهو يعرف النقود بأنها أي شيء ذات قبول
عام في التداول ويستخدم وسيطاً للتداول ومقياساً ومستودعاً للقيمة ومخزن لها ٬ بالإضافة إلى استخدامها
كوسيلة للمدفوعات الآجلة .
ومن خلال تحليل هذا التعرف يمكننا أن نلاحظ التالي :
-1 أن التعريف مبني على الجوانب النفسية لأف ا رد المجتمع والقائم على ثقة الأف ا رد فيما يقبلونه كوسيلة
للدفع والتبادل وهذا القبول ينطوي على قوة ش ا رئية ولتحقيق ذلك استخدم الإنسان بعض السلع كنقود ٬
فقد استخدم التجار أنواع من المعادن ذات الوزن المحدد والصفات المتفق عليها وقد كانت المسكوكات
ثم السبائك الذهبية أكثر المعادن شيوعاً في صنع النقود ٬ ومع زيادة حجم المعاملات التجارية ٬
أصبح حمل الذهب يمثل عبئاً كبي ا رً مما أدى إلى ظه ور النقود الورقية على أيدي الصاغة الذين كانوا
يقبلون الودائع الذهبية من الأف ا رد مقابل إيصالات أو شهادات بقيمة ودائعهم ٬ ثم استخدمت هذه
الإيصالات في التبادل بدلاً من المعادن حتى أصبحت مقبولة في التعامل ٬ ومع شيوع استخدام هذه
الإيصالات والشهادات في عمليات التبادل تدخلت الحكومات لتنظيم عمليات التبادل والتداول إلى أن
انتهي الأمر إلى أن أصبحت الودائع المصرفية التي تتداول عن طريق الشيكات تمثل نقوداً إلى أن
أصبحت النقود الورقية والودائع تمثل الشكل الحديث للنقود بعد أن انتهى تماماً عهد النقود الذهبية ٬
وبالتالي استخدم كلمة ( أي شيء) في التعريف له من الأهمية والشمولية الكثير حيث تدل على العدد
غير المحد ود من الأشياء التي استخدمت كالنقود .
-2 إن التشريعات التي تصدرها الدول لإعطاء الصيغة القانونية على العملات الورقية والمصرفية
كعملات قانونية تستهدف تدعيم ثقة الأف ا رد في قبول أي أصل من الأصول كنقود ٬ وهنا لا يمكن
رفض العملات القانونية في سداد الديون ٬ من ثم فإنه بالرغم من أن الحسابات الجارية بالبنوك
التجارية ليس لها الوضع القانوني كعملة قانونية إلا أن هذه البنوك ملتزمة بتحويل هذه الحسابات إلى
عملية قانونية بناء على طلب المودعين ٬ هذا بالإضافة إلى أن الهدف من تعريف وقياس حجم النقود
في المجتمع هو تمكين صانعي السياسة الاقتصادية من السيطرة والرقابة على حجم النقود المتداولة ٬
بغرض تحقيق استق ا رر المستوى العام للأسعار وازدياد مستوى النشاط الاقتصادي في المجتمع .

Post a Comment

Previous Post Next Post