القضاء في فرنسا
نظام الوسيط في فرنسا 
وفقاً لهذا النظام يعين وسيط الجمهورية Lemediateur de la Republique  لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد بمرسوم من رئيس الجمهورية باقتراح وموافقة مجلس الوزراء ، وهو ما تنص عليه المادة الثانية من القانون وهو لا يستطيع ان يمارس مهامه التي حددها القانون إلا بعد حصوله على التدريب اللازم . 
ولا يمكن عزل الوسيط خلال هذه المادة او إنهاء ممارسة أعمال وظيفته إلا عندنا يتعذر عليه القيام بواجباته الوظيفية ويترك أمر تقرير ذلك الى لجنة مكونة من نائب رئيس مجلس إدارة الدولة ورئيس محكمة النقض ورئيس ديوان الرقابة المالية ويتخذ القرار وبالإجماع . 
ويتمتع الوسيط باستقلال تام فلا يتلقى اي تعليمات من اي سلطة ولا يمكن إلقاء القبض عليه او ملاحقته او توقيفه او حجزه بسبب أعمال وظيفته او الآراء التي يدلي بها(16). 

اولاً : اختصاصات الوسيط . 
تحدد المادة الأولى من القانون رقم 6 في 3/1/1973 اختصاصات وسيط الجمهورية في تلقي الشكاوى المقدمة من الأفراد ذوي العلاقة مع الإدارات الحكومية والمؤسسات العامة والمحلية وكافة المرافق التي تقدم الخدمات العامة . 
بينما اجاز القانون الصادر في 6/2/1992 للأشخاص المعنوية كالشركات والنقابات والهيئات المحلية اللجوء الى الوسيط على ان يشترط في من يلجأ للوسيط سواء أكان شخصاً طبيعياً ام معنوياً ان يكون له مصلحة وفي ذلك يختلف نظام الوسيط الفرنسي عن نظام الامبودسمان السويدي . 
كما يملك الوسيط تقديم التوجيهات  المؤدية الى تحسين مستوى اداء الإدارة وتسهيل حل المواضيع محل النزاع وتوجيه الادارة الى اتباع أسلوب معين في العمل . ويحدد الوسيط  مدة معينة تجيب الإدارة على هذا التوجيه فاذا امتنعت عن الإجابة او رفضت الرأي المقترح يرفع الوسيط تقريراً بذلك الى رئيس الجمهورية . 
هذا وقد أوجب المشرع الفرنسي على الموظفين الإجابة على أسئلة واستفسارات الوسيط وله في ذلك ان يطلب من الوزراء تسليم المستندات والملفات التي تخص الموضوعات التي يبحثها ، ولا يجوز لهم الامتناع عن ذلك وان كانت الملفات سرية إلا إذا تعلق الامر بالدفاع الوطني او المصالح السياسية العليا للدولة(17) .
ويخرج من اختصاصات الوسيط على وفق نص المادة 8 من قانون عام 1973 اعمال الادارة المتعلقة بالمنازعات ذات الطابع الوظيفي بسبب إناطة الفصل بها الى مجلس الدولة وحسبه كفيلاً بتوفير الحماية اللازمة للموظفين . 

ثانياً : الإجراءات المتبعة في عمل الوسيط . 
من الجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي استلزم تقديم تظلم إلى جهة الإدارة قبل تقديم الشكوى امام الوسيط للتخفيف عن كاهله ولإتاحة الفرصة للإدارة لتصحيح أخطائها ، كما ان تقديم الشكوى الى الوسيط لا يقطع المدة المحددة للطعن امام القضاء الإداري والمحددة بشهرين وعلى هذا الأساس لا مانع من تقديم الطعن امام القضاء في نفس الوقت الذي تقدم فيه الشكوى امام الوسيط . 
فاذا تبين للوسيط صحة الشكوى او وجاهة الطلب فيها يقوم الوسيط بتقديم التوصيات او المقترحات الى الادارة المشكو منها ويبين ما يراه ضرورياً لتجاوز موضوع الشكوى ويقدم الحلول التي يراها ملائمة ، فاذا لم يتوصل الى جواب من الإدارة خلال المدة التي حددها للاجابة يمكنه عندئذ ان يعلن عن تلك التوصيات من خلال وسائل الإعلام او من خلال تقريره السنوي الذي يعلنه لرئيس الجمهورية والبرلمان ، وفي ذلك إحراج للإدارة ، بالإضافة إلى ذلك للوسيط ان يطلب احالة الموظف المقصر للقضاء المختص . 
وعلى الرغم من ان الوسيط في فرنسا لا يستطيع أن يحل محل الإدارة في إزالة المخالفة او يوجه إليها أمر فان توصياته بالغة الأهمية وكانت سبباً للكثير من الإصلاحات الإدارية (18) . وبسبب اهميته فقد تلقى عام 1974 حوالي 1695 شكوى بينما وصل عدد الشكاوى التي تلقاها عام 1991 الى ما يقارب 30.000 شكوى . 

Post a Comment

Previous Post Next Post