دراسات العلاقات المتبادلة وحالاتها وارتباطها

 Correlations & Reciprocal Relations' Studies
إذا كانت الدراسات المسحية تكتفي بجمع البيانات عن الظواهر التي يتم دراستها من أجل وصفها وتفسيرها، فان دراسات الروابط والعلاقات المتبادلة لا تكتفي بذلك فقط بل تذهب إلى أعمق من ذلك من خلال دراسة العلاقات بين الظواهر، وتحليلها بهدف معرفة الارتباطات الداخلية في هذه الظواهر، والارتباطات الخارجية بينها وبين الظواهر الأخرى. وتنقسم دراسات العلاقات والروابط التبادلية بين الظواهر إلى ثلاث أنواع وهي: 
1- دراسة الحالة
2- الدراسات العلمية المقارنة
3- الدراسات الارتباطية

1) دراسة الحالة Case Study
يهتم أسلوب دراسة الحالة بدراسة حالة واحدة قائمة مثل دراسة فرد أو أسرة أو شركة أو مدرسة، وهذا يتم من خلال جمع معلومات وبيانات تفصيلية عن الظاهرة حول الوضع الحالي والسابق للظاهرة ومعرفة العوامل التي أثرت وتؤثر عليها والخبرات الماضية لهذه الظاهرة. فالحوادث والظروف التي مرت على الأفراد والشركات تترك آثار واضحة على تطورهم وتنعكس بالتالي على سلوكهم الحالي (الرفاعي، 1998).
وتستخدم دراسة الحالة في حياتنا اليومية العملية كما تستخدم من قبل الباحثين. فالفرد الذي يريد أن يختار صديقا فانه يدرس سلوكه الحالي والسابق وسمعته. وقد يستخدم الباحثين دراسة الحالة في دراسة أسباب ارتفاع معدل دوران العمل لدى احد الشركات. والباحث الاجتماعي يقوم بدراسة حالة "للأسرة الفقيرة التي تحتاج إلى مساعدة"، حيث يقوم بجمع معلومات مفصلة عن دخل الأسرة الحالي والسابق ونفقاتها السابقة والحالية والسكن وعدد أفراد الأسرة وغير ذلك.
خطوات دراسة الحالة:
يمكن حصر خطوات دراسة الحالة في الخطوات الأربع التالية:
1. تحديد الحالة المنوي دراستها، فقد تكون فرد أو شركة.
2. جمع المعلومات والبيانات التفصيلية المتصلة بالحالة مع التركيز على الخاصية أو المشكلة المنوي عرجها ووضع الفروض اللازمة،  مثل دراسة ظاهرة ارتفاع معدل دوران العمل في إحدى الشركات. 
3. جمع البيانات والمعلومات المتصلة بظاهرة ارتفاع معدل دوران العمل في الشركة. ويمكن أن يستخدم الاستبيان أو المقابلة أو كلاهما في جمع المعلومات، وتحليل الوثائق المتعلقة بالحالة.
4. إثبات الفروض والوصول إلى النتائج.

مزايا وعيوب منهج دراسة الحالة:
من أهم مزايا دراسة الحالة هو التوصل إلى معلومات شاملة ومفصلة عن الحالة المدروسة، فالباحث يركز على حالة واحدة ولا يشتت جهده في دراسة موضوعات متعددة.

ومن الانتقادات الموجهة لمنهج دراسة الحالة، صعوبة تعميم النتائج على حالات أخرى أو مجتمع دراسة أكثر اتساعا، وقد لا تكون المعلومات التي يقدمها الباحث عن نفسه دقيقة أما عن قصد أو غير قصد.

2) الدراسات العلمية المقارنة Comparative Scientific Studies
ذا كانت معظم الأساليب الوصفية تركز على جمع البيانات والمعلومات حول الظاهرة ثم تفسيرها، فان أسلوب الدراسات العلمية المقارنة يتعدى ذلك إلى البحث الجاد عن أسباب حدوث الظاهرة من خلال إجراء المقارنات بين الظواهر لاكتشاف أسباب حدوث الظاهرة والعوامل التي صاحبت الحدوث. فلو أراد الباحث أن يدرس أسباب ارتفاع معدل دوران العمل في الشركات في دولة معينة، وأخذ أربع شركات وهي ا،ب،ج،د، ثم أخذ يحلل أسباب هذه الظاهرة في الشركات الأربعة، فوجد أن انخفاض معدل الأجور في جميع الشركات ا،ب،ج،د، هو عامل مشترك في جميع الحالات، يمكن للباحث في مثل هذه الحالة أن يقول أن انخفاض الأجور هو عامل هام ومشترك في ارتفاع معدل دوران العمل، وبذلك يكون الباحث قادر على تقديم توصياته باتخاذ قرارات تتعلق بدفع أجور عادلة للموظفين.
ومن الضروري على الباحث عند قياس العلاقة بين السبب والنتيجة أن يتأكد من التالي (عبيدات وعدس وعبد الحق، 1998):
1- هل يظهر السبب دائما مع النتيجة؟ أي هل يأتي ارتفاع معدل دوران العمل مصحوبا بانخفاض معدل الأجور.
2- هل يظهر السبب قبل النتيجة؟ أي هل ارتفاع معدل دوران العمل يأتي مسبوقا بانخفاض معدل الأجور.
3- هل السبب حقيقي أم مجرد علاقة ما مع السبب الحقيقي؟ أي هل يأتي ارتفاع معدل دوران العمل نتيجة لانخفاض الأجور أم نتيجة ارتباط انخفاض الأجور بانخفاض الروح المعنوية للعاملين.
4- هل انخفاض الأجور هو العامل الوحيد المسبب لارتفاع معدل دوران العمل أم نتيجة لبيئة وظروف العمل؟
5- ما هي الظروف التي تكون فيها العلاقة بين السبب والنتيجة قوية أو ضعيفة؟ هل تكون العلاقة قوية بين انخفاض الأجور وارتفاع معدل دوران العمل في ظل ظروف اقتصادية جيدة أم تضعف في ظل ظروف اقتصادية سيئة.

وتتضح الحاجة إلى الدراسات العلمية المقارنة من خلال التالي (الرفاعي، 1998):
1- هناك الكثير من الظواهر الإنسانية والاجتماعية لا يمكن إخضاعها للتجريب ولا يناسبها إلا الأسلوب المقارن.
2- استخدام هذا الأسلوب أسهل وأبسط وأقل تكلفة من المنهج التجريبي.
3- لا يلزم الباحث التدخل لإحداث تغيير على الظاهرة مما يجعل النتائج أكثر دقة وواقعية.
3) الدراسات الارتباطية Correlation Studies
يهتم هذا النوع من الدراسات بالكشف عن العلاقات الارتباطية بين متغيرين أو أكثر، من أجل التأكد من مدى وجود هذا الارتباط وما هي قوة هذا الارتباط. ولا يمكن أن تقاس هذه العلاقة بالعين المجردة بل لا بد من استخدام الطرق الإحصائية المناسبة لذلك. وتتراوح درجه ارتباط بين + 1 ، - 1 ، وكلما اقتربت النتيجة من الرقم (1) بالسلب أو الإيجاب دل على وجود علاقة قوية بين المتغيرات. وتكون العلاقة عكسية في حالة الإشارة السالبة للاختبار، وطردية في حالة الإشارة الموجبة. 
وعادة لا تكون دراجات الارتباط بالشكل التام + 1 أو – 1 أو صفر، ففي الكثير من الحالات نجد دراجات الارتباط هكذا، 0.2 ، 0.65 ، 0.7  .... الخ. وأحيانا تكون درجه الارتباط أقل من 0.5 في هذه الحالة يجب النظر إلى مستوى المعنوية حيث إذا كان أقل من 0.05 تكون هناك علاقة ارتباطية معنوية. 

مثال: لو أردنا التعرف على أسباب ضعف الرضا الوظيفي في مؤسسة ما، وتصور الباحث وجود علاقات معينة بين عدد من المتغيرات، ومن ثم قام بصياغة الفرضيات التي تصور هذه العلاقات على النحو التالي:
الفرضية الأولى: هناك علاقة ارتباطية ذات دلالة بين الرضا الوظيفي ومستوى الأجور.
الفرضية الثاني: هناك علاقة ارتباطية ذات دلالة بين مدى ملائمة بيئة العمل والرضا الوظيفي.
الفرضية الثالثة: هناك علاقة ارتباطية ذات دلالة بين مستوى الأجور ومعدل دوران العمل.


Post a Comment

Previous Post Next Post