نظرية التوازن في الاقتصاد
هل لدى الشركات مديونية مستهدفة
إن هيكل رأس المال للشركات يستحوذ على الإهتمام الكبير من قبل الشركة والمستثمرين. وتركز نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة Static Tradeoff Theory على منافع وتكاليف إصدار الديون وتتوقع أن هناك نسبة مديونية مستهدفة مثالية (مديونية Leverage) والتى تعظم قيمة الشركة. وتنشأ المنافع الرئيسية من قابلية دفعات الفائدة للخصم لأهداف إحتساب الضريبة للشركة وكذلك الحمايات الضريبية لغير الديون. وتنشأ التكاليف الرئيسية من إحتمالات زيادة وقوع الأزمات المالية وإختلاف المصالح ما بين المساهمين وحاملي السندات. إن المنافع الحدية تنخفض وفي نفس الوقت فإن التكاليف الحدية تزداد مع زيادة الديون والتي تقود الى درجة عظمى من المديونية المستهدفة. تنص نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة The Static Trade off Theory أن الشركات التى لديها مديونية بأقل من المديونية المستهدفة تزيد من مستوى مديونيتها على مر الزمن وذلك للتحرك بإتجاه المديونية المستهدفة وعلى نحو مشابه فإن الشركات التى لديها مديوينة أعلى من المديونية المستهدفة تقلل من مستوى مديونيتها للتحرك بإتجاه المديونية المستهدفة ولكن هناك إحتكاكات سوقية تجعل من هذه العملية عملية بطيئة.
وفي ضوء أهمية فهم قرار هيكلة رأس المال فإن العديد من الدراسات التجريبية قد إختبرت " نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة " حيث أن الدراسات المبكرة ركزت على العلاقة ما بين مديونية الشركات وسمات الشركات مثل الحجم وفرص النمو ومعدلات الضريبة والربحية والقيمة التسييلية وهيكل الملكية. أما الدراسات الأخيرة فقد إستخدمت السمات المؤسسة للشركات في تحديد المديونية المستهدفة وفحص ما إذا ستقوم الشركات بتعديل مستوى مديونيتها بإتجاه المديوينة المستهدفة.
يرى الباحث أن نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة لها عدد من النواقص أو العيوب ومنها:
1. إن العديد من المؤلفين يناقشون بتشكيك بأن التوفيرات الهامشية للضريبة من الزيادة في المديونية تبدو أكبر بكثير من تكلفة الإفلاس الحدية لمعظم الشركات ويتسألون لماذا تستمر الشركات تحت سقف المديونية؟
2. تتنبأ نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة أن شركات ذات ربحية أكثر يجب أن يكون لديها ديون أكثر حيث أن لها أرباح أكثر والتى يمكن حمايتها من الضرائب بدون تكبد تكاليف مفرطة للإفلاس.
3. إن بعضأ من الباحثين قاموا سابقاً بإختبار وجود مديونية مستهدفة وقد وجدوا دليلاً يعكس ذلك.
4. إن بعضاً من الباحثين أشاروا الى مسائل إقتصادية والتي تتضمن دليلاً من العديد من الدراسات حول المديونية المستهدفة.
ويرى الباحث بعد إعادة فحصه لنظرية الإستخدام المتبادل الثابتة أنه قد إتبع طريقة بديلة لإختيار مضامين موضوع هذه النظرية وبرهن أنه إذا كانت الشركات تقوم بتعديل هيكلة رأس مالها بإتجاه المديونية المستهدفة وإذا كان سوق الإئتمان يسعر كافة المعلومات بعقلانية فإن السندات وتوزيعات تبادل الإستنكاف عن سداد الإئتمان Credit default swap spread بحيث تكون ذات علاقة بالمديونية المستهدفة بالإضافة الى المديونية الحالية Current Leverage ويمكن إعتبار المديونية المستهدفة كعامل مديونية طويل الأجل بينما المديونية الحالية هى عامل مديونية قصير الأجل.
وبإستخدام عينة كبيرة من السندات خلال الفترة من 2002 حتى 2007 وكذلك عقود CDS خلال الفترة من 2000 حتى 2007 فقد حصل الباحث على العديد من الأدلة المتناسقة والداعمة لنظرية الإستخدام المتبادل الثابتة حيث سعرت أسواق الإئتمان السندات وكذلك توزيعات CDS كما لو أن الشركات تتحرك بإتجاه مديونية مستهدفة طويلة الأجل وقد كان التأثير مهماً من الناحية الإقتصادية والإحصائية بعد إدخال عوامل الضبط ذات العلاقة من الأدبيات الموجودة فعلا.
قام الباحث بإستخدام إختبارات عديدة إضافية حيث قام بترتيب السندات وعقود CDS في ثلاث عينات جزئية إستناداً الى الوقت المتبقى لها حتى الإستحقاق وقد توصل الى أن تأثير المديونية المستهدفة تزداد مع القرب من تاريخ الإستحقاق وهذا الأمر منسجم مع المديونية المستهدفة وقد توصل أيضاً الى أن التأثير يكون قويا إذا كانت الشركات لديها مديونية أعلى من المديونية المستهدفة إذ أنها تقوم بعمل تصنيف للسندات على أسس مقارنة.
ولقياس مقدار تأثير المديونية المستهدفة فقد تم تنفيذ تجربة مقاربة للشركة حيث تم ترتيب عينة من السندات في أربعة أرباع وفقاً للمديونية المستهدفة وتم إختيار سندات من كل ربع ليقابل السندات المختارة من الأرباح الأخرى. وقد توصل الباحث بهذا الإختبار وبعد إحتساب عدد من المقاييس أن الميدونية المستهدفة لها تأثير كبير من النواحي الإقتصادية.
وقام الباحث بإختبار ما إذا كانت الإختيارات السابقة لنظرية الإستخدام المتبادل الثابتة Static Trade off Theory لهيكل رأس المال قوية في حضور نظريتين:
 أولا:  نظرية نظام الإلتقاط The Pecking Order Theory لهيكل رأس المال والتى تتنبأ أن 
           الشركات تحبذ تمويل العجوزات المالية من خلال الدين أكثر من إستخدام حقوق الملكية 
           وتتنبأ هذه النظرية أن المديونية ستزداد بمرور الزمن وأن التأثير سيكون قوياً فيما يخص 
           الشركات التى لديها عجوزات مالية كبيرة وقد تم وضع العجز المالي كمتغير إضافي.
 ثانيا:  نظرية توقيت السوق The Market Timing Theory لهيكل رأس المال التي تتنبأ أن 
           الشركات هى أقل إحتمالاً أن تقوم بتمويل نفسها من خلال الدين وهى أكثر إحتمالاً أن تقوم 
           بتمويل نفسها من خلال حقوق الملكية إذا كان في الفترة الأخيرة لدى الشركة زيادة في 
           السعر وبالتالي تم إدخال عائد السهم الزائد للشركة على مدى 180 يوم الذى ينتهى قبل 
           تاريخ الإعلان لمتغير ضابط إضافي. وقد وجد الباحث أن تأثير توقيت السوق هاماً ولكن 
           تأثير نظام الإلتقاط Pecking Order غير عام وتم ملاحظة أن تأثير المديونية المستهدفة 
           نسبياً لم يتغير.
وبالإضافة الى المديونية المستهدفة فقد أدخل الباحث متغير Variable جديد وهو إتجاه المديونية Leverage Trend في كافة دراساته وهذا المتغير هو نوع من القوة الدافعة الذي يعطى كم مرة من الأرباح الثمانية الأخيرة كان هناك زيادة أو نقص في المديونية الفعلية؟ حيث لو أن المستثمرون قاموا بإجراء تقدير إستقرائى لإتجاه المديوينة في الأرباح الأخيرة فإن هذا المتغير يجب أن يكون مرتبطاً إيجابياً (مباشر) للسندات وكذلك لتوزيعات CDS وقد وجد الباحث أن بعضاً من الأدلة تؤكد ذلك.
أهم النتائج التى توصل اليها الباحث في البحث
إن نظرية الإستخدام المتبادلة المثالية Static Tradeoff Theory تقدم تفسيراً حول كيف تقوم الشركات بإختيار هيكل رأس مالها وتقترح أن هناك مديونية داخلية مثلى Interior Optimum Leverage والتى توازن ما بين منافع الضريبة مقابل تكلفة الإفلاس والوكالة للدين وهذه تصبح المديونية المستهدفة التى تتحرك تجاهها الشركات على مدى الزمن. إن المستثمرين العقلانيين يتنبأون هذه الحركة وبالتالى الإستثمار في السندات وتوزيعات CDS وبالإتساق مع هذه الفرضية فقد بين الباحث إحصائياً وإقتصادياً دليلاً هاماً أن المديونية المستهدفة تعمل كعامل إضافي طويل الأجل في توزيعات الإئتمان. إن الإستدلالات الإحصائية قد إستندت الى نموذج المستويات Levels Model والتصحيحات الى الإحصائيات الزمنية  t– statistics للتجميع على مستوى الشركة وضمن الفترة أو الزمن السنوي الشمسى.
ومن المنظور الإقتصادي فقد تم تحليل تأثير مقدار المديونية المستهدفة بعد ضبط المحددات الكبرى الأخرى لخطر التخلف عن السداد وقد أكدت النتائج التى توصل اليها الباحث حيث إنها تدعم نظرية الإستخدام المتبادل وفرضية المديونية المستهدفة كالآتى:
 أ) كلما كانت فترة إستحقاق السندات أطول أو عقود CDS كلما كان تأثير المديونية المستهدفة أكبر.
 ب) إن المديونية المستهدفة تكون محدداً أكثر أهمية لتوزيعات الإئتمان عندما تكون المديونية الحالية للشركة أكبر من المديونية المستهدفة.
 ج) إن تصنيف السندات Bond Rating يرتبط بالمديوينة المستهدفة بالإضافة الى المحددات الأخرى المعروفة.
 د) إن الدليل لصالح نظرية الإستخدام المتبادل الثابتة وكذلك المديونية المستهدفة لم تتأثر نسبياً بوجود ضوابط فرضية نظام الإلتقاط Pecking Order Hypothesis وكذلك فرضية توقيت السوق Market Target Hypothesis .  
درجة العلاقة مع رسالة الطالب:
إن هذه البحث هو بحث مالي صرف له ارتباط وثيق بعلم المحاسبة حيث أن كثيراً من التحليلات والنظريات الواردة فيه أو الفرضيات التي تم اختبارها ترتبط مع هيكلة رأس المال أو المديونية وهي عناصر مهمة في آية بيانات مالية.
 
Post a Comment