السياق الاجتماعي

تستمد التربية على المواطنة وظيفتها المجتمعية من مساهمتها في تكوين الإنسان/ المواطن(ة) المراهن عليه في السير بالمجهود التحديثي لبلادنا إلى الأمام، في وقت تزايدت فيه انتظارات المغاربة والمغربيات، ومستلزمات العالم الذي نعيش فيه.
 لقد عبر المغرب عن اختيارات استراتيجية تتمثل في دمقرطة المؤسسات والممارسات، وتقوية ركائز دولة الحق والقانون وما يرتبط بذلك من تخليق للحياة العامة وتفعيل المفهوم الجديد للسلطة والحاكمية الجيدة وتوسيع مجال الحريات ومشاركة المجتمع المدني...وهذه الاختيارات التي أكدها مرارا، وبقوة ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس تضع بلادنا أمام تحديات عظمى.
إن المدرسة ، بحكم وظيفتها، من القنوات التي يتعين أن تساهم بشكل معقلن في تنشئة وتأهيل الجيل الصاعد لرفع تلك التحديات على أرض الواقع. ولعل أرقى تجليات تلك المساهمة نهوضها بقيم المواطنة النشيطة عبر سيرورة تؤدي لتكوين رجال ونساء يربطهم بالوطن ذلك الانتماء الديناميكي الذي يجعلهم في ذات الوقت يخدمونه بحب وسخاء ويحققون ذواتهم بكرامة.
تتوخى التربية على المواطنة تنمية الوعي بالحقوق والمسؤوليات الفردية والجماعية، والتدرب على ممارستها، مما يدعم المحددات التي تجعل المدرسة، المرتقبة من خلال الإصلاح، مفتوحة على الحياة، وجذابة لذاتها أي بما توفره للتلاميذ والتلميذات كل يوم كفضاء لبناء الشخصية ، واكتساب الاستقلالية، والعيش سوية مع الآخرين، وممارسة المواطنة.
ولعل من المفيد التذكير بهذا الصدد بأن ممارسة المواطنة ليست مرهونة "بالرشد القانوني" الذي يخول المشاركة في الحياة السياسية، وخاصة العمليات الانتخابية، بل أن لكل مرحلة ، بدءا بالسنوات الأولى من الحياة ، أشكال وتعابير وصيغ لتلك الممارسة متى تم تحسيس الأطفال بها. وبناء على ذلك، فإن تصور التربية على المواطنة من هذا المنظار، أي من زاوية ما يمكن أن تنميه حاليا من سلوكات مواطنة يومية متكيفة مع كل سن، من شأنه أن يحدث - مع مرور الزمن وتظافر جهود قنوات أخرى- ذلك التراكم الذي يغرس قيم المواطنة في الفكر والوجدان ويجعل من بلورتها وتفعيلها أمرا طبيعيا، إراديا متسما بالديمومة.

Post a Comment

Previous Post Next Post