السلطة القائمة على قوة الشخصية
وتقوم هذه السلطة على التأثير القوي للمدير على مرؤوسيه.. وهو لا يتم إلا إذا تمكن المدير من أن يحتل موقعاً خاصاً في قلوب أفراده لما يتميز به من مؤهلات كثيرة يسلم الجميع بأنها رجحت كفته على غيره مثل:
- القدرة على الحكم (الرؤية الصائبة والقدرة على اتخاذ القرار).
- الحس المرهف.
- الأخلاق النبيلة.
- العدالة في التعامل.
- الإخلاص والنزاهة.
- المحبة والرعاية العاطفية (المداراة).
- التفاني للعمل (رعاية المصالح العامة) وللآخرين (المشاركة في آلامهم وآمالهم).
- المنطقية في التفكير والتنفيذ (الخبرة والتخطيط).
وغير ذلك من صفات نفسية وعقلية وإدارية كبيرة تجعل الآخرين يستجيبون له بشكل عفوي وعن قناعة واختيار... ومن الواضح أن هذه الخصوصيات من السهل التحدث عنها، إلا أنها في ميدان العمل من أعقد الأمور وأصعبها، لما تتطلبه من المجاهدة والجلد وكبح جماح النفس، لذلك لا تتوفر إلا في عظماء البشر وهم القلائل.. وهي قيادة يسميها البعض بأنها ملهمة لأنها تمتلك سيطرة تقوم على التفاني والإخلاص، وجعل المدير المتصف بها بطلاً جماعياً، أو قدوة وأمثولة له طابع مقدس أو محترم وتقوم على قدراته النفسية الكبيرة أو إنجازاته البطولية الرائعة.. وعلى الرغم من توافر هذا النوع من القيادة في العديد من المؤسسات خصوصاً الاجتماعية منها، إلا أنها تعاني من أزمات حقيقية في جهات ثلاث هي كالتالي:
الأولى: إن ردود الأفعال الناجمة عن الفشل في هكذا زعامات تعود قوية وقاصمة لظهر المؤسسات والأفراد معاً؛ لما تشكله من إحباطات إذا تحطمت الصورة المقدسة للمدير الفذ في أنظار أصدقائه.
الثانية: إن أكثر ما تلائم هذه النظرية، المؤسسات العاملة في العالم المتخلّف -المستبد- فإن طبيعة الاستبداد، تجعل من المدير قائداً تعطيه صفة الإلهام والرمزية، وتجعله في وضع مقدس لا يقبل النيل أو المس، بل يسعى الجميع لنيل الزلفى منه وكسب وده ورضاه، ومن الواضح أن هذا لا يتم إلا عبر التبجيل والتعظيم الكاذبين.. وبالتالي فإن خطورة هذا النوع من الإدارة تكمن في أنه قد ينتهي بالمدير إلى الصنمية المطلقة، وبالأفراد إلى جملة من المتزلفين، وتصبح معايير التقديم والتفاضل، هي الولاء لا العلمية والكفاءة، وأخيراً يصبح العمل آلة وجسراً لطموحات المدير ورغباته الخاصة، إذا لم يحسب لها حسابها منذ بادئ الأمر.
الثالثة: إنها قيادة قد لا تتكرر ولا تستمر فيمن يأتي بعدها -كما إذا تقاعد المدير أو مرض أو انتقل أو مات أو ما شابه ذلك- لذا فإن المهمة الشاقة تكمن في العمل على تكريس الصفات المثالية في الأفراد، وتكثير القادة المثاليين في المؤسسة، وهذا لا يتم إلا إذا خضنا عمليات تربوية شاقة ومتواصلة؛ أو حولنا القيادة إلى جماعة أو هيئة أو فريق يقوي بعضه بعضاً ويكمل دوره بالاستشارات والحوارات المفتوحة والعلاقات اللامركزية بين الأفراد. ومن هنا فكر جمع من المتخصصين في علم الإدارة بطرح طريقة جديدة يراها أنها تناسب تغييرات العصر وتحولاته وقدموا رأياً آخراً لسلطة المدير واعتبروها تقوم على ثلاثة محاور هي:
أ) الإدارة بالمعلومات؛ أي جمع وتحليل ونشر المعلومات الواردة من داخل وخارج المؤسسة والمعلومات الرسمية وغير الرسمية والمعلومات المكتوبة والشفهية.
ب) الإدارة بالبشر؛ كممارسة الزعامة وخلق العلاقات الإنسانية وشبكات فرق العمل.
ج) الإدارة بتنفيذ العمل؛ والتي تطبق من خلال تنفيذ المهام والأعمال والنشاطات بشدة التركيز والمتابعة والنجاح في الأداء، ويعتبر المدير مثالياً عندما يتصرف جامعاً بين هذه المحاور الثلاثة.
سلطـة حمـل الرايـة:
(2) المسؤولية: وهي ما يعبر عنها بحمل الراية، أو الشخص الذي يضع النقاط على الحروف، ويعلق الجرس في عنق الأسد.. وهي تعني أن يتحمل المدير أو الأفراد الآخرون قراراً في وظيفة ما تعهدوا بها والتزموا بإنجازها وطوعوا أنفسهم للقبول بكل ما يترتب عليها من فوائد وأضرار.. فإن كثيراً من الأعمال تبقى دون إنجاز بسبب فقدان المدير، كما أن الكثير من المدراء يفشلون لأنهم لم يحملوا الراية -كما ينبغي- أو لم يلتزموا بشرائطها.. وفي مقابل ذلك نجد بروز العديد من الكفاءات الجديدة بلا تعيين أو تنصيب لأنهم تحملوا الهم ورفعوا اللواء وساروا إلى الأمام.. وفي المؤسسات قد تتوافق المسؤوليات مع انسجام العامل مع جو العمل، وينجم عن هذا الانسجام نتيجتان:
إحداهما إيجابية: بجهة أن التقدير والتكريم والتحفيز هو الذي يقابل به النجاح.
وثانيهما سلبية: من جهة أن الشخص يعرض نفسه للعقاب أو اللوم إذا لم يكمل العمل المطلوب إنجازه، أو لم يقم بكل شرائطه التي كان يفترض أن يهيئها لإنجاح الإنجاز. ومن هنا نعرف أن الالتزام والتعهد هو أحد أهم مكونات القيادة الإدارية، ولدى تفويض الأدوار أو تخويل المدراء، ينبغي أن نفكر أولاً بالفرد الملتزم بقراره، أو ذلك الذي يحمل اللواء ويمشي إلى تحقيق الأهداف، وفي الغالب فإن الذين يرفعون الرايات عالية ينتزعون اعتراف الآخرين بهم ولو بلا مناصب أو أدوار مخولة إليهم من فوق.. لأن العمل والجد والمثابرة بذاتها قيمة تفرض نفسها على الجميع؛ فكيف إذا اجتمعت قيمة الهمة والعمل مع مشروعية التفويض في توزيع الأدوار أو تفويض السلطة؟ من هنا أصبحت المبادرة والاهتمام مكاناً (لممارسة الإدارة) والتي تتخذ وفقها المسؤوليات في الغالب.
طباع القادة وأمزجتهم: مهما بلغ الإنسان من قوة الفكر ورجاحة العقل، فإنه يبقى للطبع والمزاج الأثر في حركاته وسكناته، وقد ورد في الحديث الشريف: (غلب الطبع الأدب) لذا قد لا ينفك الإنسان من بعض عاداته وهو يمارس أدواره الوظيفية، وفي حديث آخر العادات قاهرات فمن اعتاد شيئاً في سره وخلواته فضحه في علانيته وعند الملأ، لذا ينبغي أن نعوّد أنفسنا على خصال الخير ونطبعها بطابع الكمال، لتظهر على مواقفنا وأعمالنا، ومن هنا يرى بعض علماء لنفس أن للمزاج الشخصي للأفراد الدور الكبير في تشكيل طريقة ممارستهم للسلطة أو تعاطيهم مع الأمور، سواء كانوا في القمة أم في القاعدة، ومن هنا تعتبر طباع القادة وأمزجتهم من أهم المكونات الأساسية للقيادة، وقد أجريت دراسات وافية على سلوكيات الرؤساء في العمل وصنفت نمطيات القادة إلى أكثر من تصنيف، أهمها اثنان:
الأول: ينظر إلى المدراء من حيث المحصلة النهائية التي ينتجونها في أعمالهم، لذا يعتمد هذا التصنيف على تحليل شخصية المدير وصفاته النفسية والكفاءات العامة والضرورية التي يتمتع بها حين ممارسة السلطة، ولذلك صنف المدراء إلى أصناف متعددة حسب مزاياهم وكفاءاتهم وهي كالتالي:
1- الواقعي: أي العملي أو الحدسي المتسلط الذي يهتم بالنتائج المباشرة.
2- المثالي: أي المنهجي أو النظري الذي يتعارض مع الواقعي ويتبع مثالاً له.
3- الانتهازي: أي الذي يستخدم الواقعية أو المثالية تبعاً للحالة أو الموقف والفائدة.
4- التصالحي: أي الاستشاري الذي يسعى لإقامة التوازن في المؤسسة.
الثاني: حيث ينظر إلى المدير من حيث طباعه الخاصة في مركز القيادة وقد ميز هذا التصنيف بين أشكال خمسة من القيادات وهي كما يلي:
1- المحتكر: وهو المنفذ الذي يعرف كل شيء بحركية كبيرة، لكنه لا يريد تفويض شيء من مهامه أو صلاحياته للآخرين، كما لا يأخذ في حسبانه البيئة المحيطة أو استمرار المؤسسة (طبيعة الوحدة والتفرد).
2- القنّاص: وهو الذي يعرف ما يتوجب عليه فعله بعد تحليل البيئة بشكل مباشر، لكنه يهدف إلى فعل ذلك من خلال مدة قصيرة (العجول).
3- المجدد في التنظيم: وهو الذي يعرف التنسيق مع الآخرين انطلاقاً من مركزه، لكنه مهدد بالأحادية (المنظم).
4- الحكيم: الذي يحسب لكل شيء حسابه ويعتبر المحرك الذي يسحر في فترات الأزمة، وإذا لم يفوض أدواره ويكثر من معاونيه ومستشاريه فإنه يبتلى بالفردية أيضاً.
5- المتلاعب: وهو المحرك، يتعامل مع الأمور حسب المصلحة التي يتوخاها، لذلك فهو في وقت السلم مسالم ويجمع الآخرين على السلم، وفي زمن الحرب يجمعهم على الحرب وفي كلتا المرحلتين يتبع المصلحة التي قد يأتي بها السلم وقد تأتي بها الحرب.
(4) خصائص المرؤوسين: وتأتي في الرتبة الرابعة من مكونات الإدارة خصائص العاملين وصفاتهم الشخصية أيضاً؛ إذ في الغالب تنقسم الفئات العاملة إلى فئتين لكل واحدة منهما خصوصيتها وطريقتها.
الأولى: هم الموظفون، ونعني بهم الأشخاص المحرومين من الطموح ويرفضون المبادرات في الغالب ولا يحبون أعمالهم، كما لهم أهداف شخصية مختلفة عن أهداف المؤسسة، ويبحثون عن الأمان والسلامة في عملهم، لأن المهم عندهم إنجاز الوظيفة بقدر ما توفر لهم السلامة المعيشية وتجنب الأضرار والمساءلة.
الثانية: هم الهادفون؛ ونعني بهم الأشخاص الذين يقبلون بذل الجهود ويسعون إلى تحقيق طموحاتهم وتصوراتهم، وهم أكثر فاعلية ونشاطاً، كما هم أكثر تفانياً وتضحية ومعايشة لآلام المؤسسة وآمالها.. هذا ويمكن أن توجد فئة ثالثة تكون وسطاً بين الفئتين الأولى والثانية.. إذ قد تنشأ مجموعة من الأفراد يجمعون بعض صفات الوظيفيين مع حماسة الهادفين، ولعل هذه الفئة هي الأكثر حضوراً في المؤسسات، إذ قلما نجد فرداً يتصف بخصوصيات إحدى الفئتين.. نعم قد يبدو عليه طابع إحداهما أكثر من الأخرى، وبالتالي يطبعه بسماتها و بالصفات البارزة أو الغالبة فيه، إلا أنه تبقى للمسات الفئة الأخرى تأثيرها على تصرفاته. وتتسم خصوصيات كل فئة حسب طبيعة ومزاج الفرد .
وتقوم هذه السلطة على التأثير القوي للمدير على مرؤوسيه.. وهو لا يتم إلا إذا تمكن المدير من أن يحتل موقعاً خاصاً في قلوب أفراده لما يتميز به من مؤهلات كثيرة يسلم الجميع بأنها رجحت كفته على غيره مثل:
- القدرة على الحكم (الرؤية الصائبة والقدرة على اتخاذ القرار).
- الحس المرهف.
- الأخلاق النبيلة.
- العدالة في التعامل.
- الإخلاص والنزاهة.
- المحبة والرعاية العاطفية (المداراة).
- التفاني للعمل (رعاية المصالح العامة) وللآخرين (المشاركة في آلامهم وآمالهم).
- المنطقية في التفكير والتنفيذ (الخبرة والتخطيط).
وغير ذلك من صفات نفسية وعقلية وإدارية كبيرة تجعل الآخرين يستجيبون له بشكل عفوي وعن قناعة واختيار... ومن الواضح أن هذه الخصوصيات من السهل التحدث عنها، إلا أنها في ميدان العمل من أعقد الأمور وأصعبها، لما تتطلبه من المجاهدة والجلد وكبح جماح النفس، لذلك لا تتوفر إلا في عظماء البشر وهم القلائل.. وهي قيادة يسميها البعض بأنها ملهمة لأنها تمتلك سيطرة تقوم على التفاني والإخلاص، وجعل المدير المتصف بها بطلاً جماعياً، أو قدوة وأمثولة له طابع مقدس أو محترم وتقوم على قدراته النفسية الكبيرة أو إنجازاته البطولية الرائعة.. وعلى الرغم من توافر هذا النوع من القيادة في العديد من المؤسسات خصوصاً الاجتماعية منها، إلا أنها تعاني من أزمات حقيقية في جهات ثلاث هي كالتالي:
الأولى: إن ردود الأفعال الناجمة عن الفشل في هكذا زعامات تعود قوية وقاصمة لظهر المؤسسات والأفراد معاً؛ لما تشكله من إحباطات إذا تحطمت الصورة المقدسة للمدير الفذ في أنظار أصدقائه.
الثانية: إن أكثر ما تلائم هذه النظرية، المؤسسات العاملة في العالم المتخلّف -المستبد- فإن طبيعة الاستبداد، تجعل من المدير قائداً تعطيه صفة الإلهام والرمزية، وتجعله في وضع مقدس لا يقبل النيل أو المس، بل يسعى الجميع لنيل الزلفى منه وكسب وده ورضاه، ومن الواضح أن هذا لا يتم إلا عبر التبجيل والتعظيم الكاذبين.. وبالتالي فإن خطورة هذا النوع من الإدارة تكمن في أنه قد ينتهي بالمدير إلى الصنمية المطلقة، وبالأفراد إلى جملة من المتزلفين، وتصبح معايير التقديم والتفاضل، هي الولاء لا العلمية والكفاءة، وأخيراً يصبح العمل آلة وجسراً لطموحات المدير ورغباته الخاصة، إذا لم يحسب لها حسابها منذ بادئ الأمر.
الثالثة: إنها قيادة قد لا تتكرر ولا تستمر فيمن يأتي بعدها -كما إذا تقاعد المدير أو مرض أو انتقل أو مات أو ما شابه ذلك- لذا فإن المهمة الشاقة تكمن في العمل على تكريس الصفات المثالية في الأفراد، وتكثير القادة المثاليين في المؤسسة، وهذا لا يتم إلا إذا خضنا عمليات تربوية شاقة ومتواصلة؛ أو حولنا القيادة إلى جماعة أو هيئة أو فريق يقوي بعضه بعضاً ويكمل دوره بالاستشارات والحوارات المفتوحة والعلاقات اللامركزية بين الأفراد. ومن هنا فكر جمع من المتخصصين في علم الإدارة بطرح طريقة جديدة يراها أنها تناسب تغييرات العصر وتحولاته وقدموا رأياً آخراً لسلطة المدير واعتبروها تقوم على ثلاثة محاور هي:
أ) الإدارة بالمعلومات؛ أي جمع وتحليل ونشر المعلومات الواردة من داخل وخارج المؤسسة والمعلومات الرسمية وغير الرسمية والمعلومات المكتوبة والشفهية.
ب) الإدارة بالبشر؛ كممارسة الزعامة وخلق العلاقات الإنسانية وشبكات فرق العمل.
ج) الإدارة بتنفيذ العمل؛ والتي تطبق من خلال تنفيذ المهام والأعمال والنشاطات بشدة التركيز والمتابعة والنجاح في الأداء، ويعتبر المدير مثالياً عندما يتصرف جامعاً بين هذه المحاور الثلاثة.
سلطـة حمـل الرايـة:
(2) المسؤولية: وهي ما يعبر عنها بحمل الراية، أو الشخص الذي يضع النقاط على الحروف، ويعلق الجرس في عنق الأسد.. وهي تعني أن يتحمل المدير أو الأفراد الآخرون قراراً في وظيفة ما تعهدوا بها والتزموا بإنجازها وطوعوا أنفسهم للقبول بكل ما يترتب عليها من فوائد وأضرار.. فإن كثيراً من الأعمال تبقى دون إنجاز بسبب فقدان المدير، كما أن الكثير من المدراء يفشلون لأنهم لم يحملوا الراية -كما ينبغي- أو لم يلتزموا بشرائطها.. وفي مقابل ذلك نجد بروز العديد من الكفاءات الجديدة بلا تعيين أو تنصيب لأنهم تحملوا الهم ورفعوا اللواء وساروا إلى الأمام.. وفي المؤسسات قد تتوافق المسؤوليات مع انسجام العامل مع جو العمل، وينجم عن هذا الانسجام نتيجتان:
إحداهما إيجابية: بجهة أن التقدير والتكريم والتحفيز هو الذي يقابل به النجاح.
وثانيهما سلبية: من جهة أن الشخص يعرض نفسه للعقاب أو اللوم إذا لم يكمل العمل المطلوب إنجازه، أو لم يقم بكل شرائطه التي كان يفترض أن يهيئها لإنجاح الإنجاز. ومن هنا نعرف أن الالتزام والتعهد هو أحد أهم مكونات القيادة الإدارية، ولدى تفويض الأدوار أو تخويل المدراء، ينبغي أن نفكر أولاً بالفرد الملتزم بقراره، أو ذلك الذي يحمل اللواء ويمشي إلى تحقيق الأهداف، وفي الغالب فإن الذين يرفعون الرايات عالية ينتزعون اعتراف الآخرين بهم ولو بلا مناصب أو أدوار مخولة إليهم من فوق.. لأن العمل والجد والمثابرة بذاتها قيمة تفرض نفسها على الجميع؛ فكيف إذا اجتمعت قيمة الهمة والعمل مع مشروعية التفويض في توزيع الأدوار أو تفويض السلطة؟ من هنا أصبحت المبادرة والاهتمام مكاناً (لممارسة الإدارة) والتي تتخذ وفقها المسؤوليات في الغالب.
طباع القادة وأمزجتهم: مهما بلغ الإنسان من قوة الفكر ورجاحة العقل، فإنه يبقى للطبع والمزاج الأثر في حركاته وسكناته، وقد ورد في الحديث الشريف: (غلب الطبع الأدب) لذا قد لا ينفك الإنسان من بعض عاداته وهو يمارس أدواره الوظيفية، وفي حديث آخر العادات قاهرات فمن اعتاد شيئاً في سره وخلواته فضحه في علانيته وعند الملأ، لذا ينبغي أن نعوّد أنفسنا على خصال الخير ونطبعها بطابع الكمال، لتظهر على مواقفنا وأعمالنا، ومن هنا يرى بعض علماء لنفس أن للمزاج الشخصي للأفراد الدور الكبير في تشكيل طريقة ممارستهم للسلطة أو تعاطيهم مع الأمور، سواء كانوا في القمة أم في القاعدة، ومن هنا تعتبر طباع القادة وأمزجتهم من أهم المكونات الأساسية للقيادة، وقد أجريت دراسات وافية على سلوكيات الرؤساء في العمل وصنفت نمطيات القادة إلى أكثر من تصنيف، أهمها اثنان:
الأول: ينظر إلى المدراء من حيث المحصلة النهائية التي ينتجونها في أعمالهم، لذا يعتمد هذا التصنيف على تحليل شخصية المدير وصفاته النفسية والكفاءات العامة والضرورية التي يتمتع بها حين ممارسة السلطة، ولذلك صنف المدراء إلى أصناف متعددة حسب مزاياهم وكفاءاتهم وهي كالتالي:
1- الواقعي: أي العملي أو الحدسي المتسلط الذي يهتم بالنتائج المباشرة.
2- المثالي: أي المنهجي أو النظري الذي يتعارض مع الواقعي ويتبع مثالاً له.
3- الانتهازي: أي الذي يستخدم الواقعية أو المثالية تبعاً للحالة أو الموقف والفائدة.
4- التصالحي: أي الاستشاري الذي يسعى لإقامة التوازن في المؤسسة.
الثاني: حيث ينظر إلى المدير من حيث طباعه الخاصة في مركز القيادة وقد ميز هذا التصنيف بين أشكال خمسة من القيادات وهي كما يلي:
1- المحتكر: وهو المنفذ الذي يعرف كل شيء بحركية كبيرة، لكنه لا يريد تفويض شيء من مهامه أو صلاحياته للآخرين، كما لا يأخذ في حسبانه البيئة المحيطة أو استمرار المؤسسة (طبيعة الوحدة والتفرد).
2- القنّاص: وهو الذي يعرف ما يتوجب عليه فعله بعد تحليل البيئة بشكل مباشر، لكنه يهدف إلى فعل ذلك من خلال مدة قصيرة (العجول).
3- المجدد في التنظيم: وهو الذي يعرف التنسيق مع الآخرين انطلاقاً من مركزه، لكنه مهدد بالأحادية (المنظم).
4- الحكيم: الذي يحسب لكل شيء حسابه ويعتبر المحرك الذي يسحر في فترات الأزمة، وإذا لم يفوض أدواره ويكثر من معاونيه ومستشاريه فإنه يبتلى بالفردية أيضاً.
5- المتلاعب: وهو المحرك، يتعامل مع الأمور حسب المصلحة التي يتوخاها، لذلك فهو في وقت السلم مسالم ويجمع الآخرين على السلم، وفي زمن الحرب يجمعهم على الحرب وفي كلتا المرحلتين يتبع المصلحة التي قد يأتي بها السلم وقد تأتي بها الحرب.
(4) خصائص المرؤوسين: وتأتي في الرتبة الرابعة من مكونات الإدارة خصائص العاملين وصفاتهم الشخصية أيضاً؛ إذ في الغالب تنقسم الفئات العاملة إلى فئتين لكل واحدة منهما خصوصيتها وطريقتها.
الأولى: هم الموظفون، ونعني بهم الأشخاص المحرومين من الطموح ويرفضون المبادرات في الغالب ولا يحبون أعمالهم، كما لهم أهداف شخصية مختلفة عن أهداف المؤسسة، ويبحثون عن الأمان والسلامة في عملهم، لأن المهم عندهم إنجاز الوظيفة بقدر ما توفر لهم السلامة المعيشية وتجنب الأضرار والمساءلة.
الثانية: هم الهادفون؛ ونعني بهم الأشخاص الذين يقبلون بذل الجهود ويسعون إلى تحقيق طموحاتهم وتصوراتهم، وهم أكثر فاعلية ونشاطاً، كما هم أكثر تفانياً وتضحية ومعايشة لآلام المؤسسة وآمالها.. هذا ويمكن أن توجد فئة ثالثة تكون وسطاً بين الفئتين الأولى والثانية.. إذ قد تنشأ مجموعة من الأفراد يجمعون بعض صفات الوظيفيين مع حماسة الهادفين، ولعل هذه الفئة هي الأكثر حضوراً في المؤسسات، إذ قلما نجد فرداً يتصف بخصوصيات إحدى الفئتين.. نعم قد يبدو عليه طابع إحداهما أكثر من الأخرى، وبالتالي يطبعه بسماتها و بالصفات البارزة أو الغالبة فيه، إلا أنه تبقى للمسات الفئة الأخرى تأثيرها على تصرفاته. وتتسم خصوصيات كل فئة حسب طبيعة ومزاج الفرد .
Post a Comment