النظم
الاقتصادية
يشير
مفهوم النظام الاقتصادي إلى انه عبارة عن مجموعة من القواعد والمؤسسات والمنظمات
التي يختارها المجتمع كأسلوب ووسيلة لعلاج المشكلة الاقتصادية ويضع المجتمع الإطار
القانوني لتنظيم وتحديد أشكال هذه المؤسسات وفقا لعاداته وتقاليده وقيمه الأخلاقية
والدينية.
ومع
أن كافة النظم الاقتصادية تتفق في الهدف الذي تسعى لتحقيقه،وهو إيجاد حل للمشكلة
الاقتصادية كما تبين أعلاه،إلا أنها تختلف في الكيفية والوسائل التي ينبغي إتباعها
للوصول إلى حل مقبول ومرض للجميع وقادر على تقديم الإشباع المطلوب،مع تطور الزمن
وتجدد الحاجات والرغبات،ومن ثم قدرة النظام على الاستمرار،ولعل ذلك ما يفسر تغير
النظم الاقتصادية عبر تاريخ البشرية من النظام الاقتصادي البدائي ونظام اقتصاد
الرق والنظام الإقطاعي والنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي والنظام الاقتصادي
المختلط.
ولعل
إلقاء نظرة على ابرز الأنظمة الاقتصادية المعاصرة التي لها تأثير على موضوع
التنمية في واقعنا المعاصر مهم في هذه المحاضرة،لما يفيد في تكوين المحصلة
النهائية عن هذا الموضوع.
1- النظام الرأسمالي:
يقوم
النظام الرأسمالي على الملكية الفردية لعناصر الإنتاج والحرية الاقتصادية في إدارة
وممارسة النشاط الاقتصادي من خلال جهاز الثمن أو آليات السوق لتحقيق الأهداف
الاقتصادية للمجتمع,وقد حل هذا النظام محل النظام الإقطاعي في الغرب،وساعد على
وجوده عدد من العوامل منها تراكم رأس المال من خلال النشاط التجاري بين المدن
والاكتشافات وما حصلت عليه الدول الرأسمالية من خيرات ومكاسب من مستعمراتها.
وقد
اخذ على هذا النظام قدرة أصحاب الأموال الضخمة على احتكار المشاريع الكبرى والتحكم
في منتجاتها،وبالتالي استغلال المستهلك لصالح أصحاب رؤوس الأموال،وإهدار الموارد
وسوء استخدامها،وكذلك سوء توزيع الدخل والثروة،فهذا النظام يؤدي إلى تركز الثروة
في أيدي فئة قليلة من الأفراد،وتزايد البطالة ووجود الأزمات الدورية والتقلبات
الاقتصادية،مضافا إلى تعارض المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة للمجتمع.
2- النظام الاشتراكي:
جاء
هذا النظام على النقيض من النظام الرأسمالي ،حيث يقوم على ضرورة تدخل الدولة في
النشاط الاقتصادي،لتكون الدولة دولة منتجة وفي نفس الوقت المحققة للعدالة من خلال
الحد من التراكم الرأسمالي وتركز الثروة،وإيجاد فرص أكثر لتشغيل العمال وتحقيق
الاستقرار الاقتصادي والحد من تقلباته.
وقد
تميز هذا النظام بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج،والإشباع المتزايد للحاجات
الجماعية،والنمو المخطط للاقتصاد القومي،والتوزيع من منظور كل حسب حاجته،وان جهاز
التخطيط هو الذي يخصص الموارد.
وقد
اخذ على هذا النظام المركزية الشديدة وتركز السلطة،والبيروقراطية المعقدة،وانخفاض إنتاجية
العامل،وبروز ظواهر الاستغلال بشكل أخر عن النظام الرأسمالي،وغياب نظام كفئ
للحوافز.
3- النظام الاقتصادي المختلط:
وهو
نظام سعى للجمع بين الملكية الخاصة والملكية العامة لوسائل الإنتاج،ويجمع بين جهاز
الثمن وجهاز التخطيط في إدارة وتسيير النشاط الاقتصادي للمجتمع لتحقيق الأهداف
المطلوبة للاقتصاد القومي في إطار ما يسمى بالتخطيط ألتأشيري.
وقد
تميز هذا النظام بالمجمع في الملكية لوسائل الإنتاج بين الأفراد والدولة،والجمع
بين الحرية الاقتصادية وتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي،والعمل جنبا إلى جنب بين
جهاز الثمن وجهاز التخطيط،وقد يكون القطاع الخاص رائدا في بعض البلدان والقطاع
العام رائدا وقائدا في بلدان أخرى،مع محاولة علاج عيوب واختلالات الاقتصاد الحر.
واخذ
على هذا النظام عدم التحديد الدقيق لادوار وأوزان كل من القطاع العام
والخاص،والتخبط في اتخاذ القرارات الاقتصادية،وحدوث سوء توزيع للدخل والثروة،إضافة
إلى انتشار ظاهرة الفساد الإداري.
ورغم
أننا قد قطعنا ما يزيد على عقد من الزمن في الألفية الثالثة،إلا انه لم تجنب هذه الأنظمة
بلدانها أو العالم من كوارث اقتصادية،سيما ما حصل من أزمة مالية اقتصادية في
العامين الماضيين(2009-2010) ولا تزال تبعاتهما تكبر،وتعلن دولة بعد أخرى احتمال
انهيار نظامها الاقتصادي كما حدث في اليونان،وهذا يؤكد أهمية البحث عن نظام
اقتصادي عالمي أكثر كفاءة وانسانوية وعدالة،يمكن أن يحقق الرفاهية للمجتمعات،وفي
نفس الوقت تزداد قيمة الحرية المسئولة فيه،فهل يمكن لنا كعرب ومسلمين،أن نقدم
نظاما اقتصاديا يتمتع بذلك،سيما مع الإشادة بالنظام المالي الإسلامي في الأزمة
المالية الأخيرة،حيث أن البنوك التي عملت به تجنبت الخسائر،هذا ما يحتاج إلى بذل
جهد علمي كبير.
ولابد
من القول أن أي نظام اقتصادي يجنب أي بلد من الوقوع في المخاطر الاقتصادية يؤثر
بشكل كبير على التنمية في هذا البلد،الأمر الذي يعني أن القادة في البلدان يتحملون
مسئولية الأخذ بأي نظام لصالح التنمية في بلادهم.
Post a Comment