الازمة الاقتصادية العالمية ودور معايير المحاسبة الدولية
أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية على جودة المعلومات المالية
أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية على المحتوى المعلوماتي للقوائم المالية
معايير التقارير المالية الدولية 
مشاكل تطبيق معايير المحاسبة الدولية
اثر تطبيق معيار المحاسبة الدولي 34 على جودة المعلومات المحاسبية
معايير التقارير المالية الدولية 
أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية 
المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية 2018 
اثر التحول الى المعايير الدولية



الازمة الاقتصادية الحالية قد غيرت العالم بأكمله ، لقد كانت هذه الازمة كجهازتنبيه وانذار أعطى صانعي القرارات و التعليمات وواضعي المعاييرالمحاسبية نوع من التذكير بضرورة الانتباه الجاد والحذر من الوقوع في اخطار جديدة من هذا النوع      .
لقد أبرزت هذه الازمة مكامن الضعف والوهن في ممارسة الاعمال  وفي التعليمات المالية المطبقة حالياً ، فقد تحدت الازمة المالية الراهنة معتقدات سابقة كانت في أذهاننا بخصوص مبدأ الخطأ والصواب والتي كانت من البديهيات المعتاد قبولها بسهولة ، لكن في النهاية سنواجه حكماً فيما يخص كيفية معالجتنا  لمشاكل هذه الازمة. النتيجة هي المزيد من النظم المحاسبية المالية المتينة أو القوية والمناسبة لواقع أسواق راس المال المتكامل ، أضافة الى الاجراءات الرقابية الاخرى التي يجب أن تتولاها جهات مخولة وحسب النظم السياسية والاقتصادية السائدة                    .
أن مجلس معايير المحاسبة الدولية يعي تماماً الاهتمام الذي يوليه بعض القادة السياسيين في العالم لموضوع المعايير المحاسبية والذي كان جلياً من خلال تصريحات عدد من القادة وخصوصاً في الاونة الاخيرة وأقتناعهم بأن وضع مثل هذه المعايير سيكون له الاثر البالغ في الحد من الاختناقات الحاصلة في العمليات المالية ، وأمكانية كشف مكامن الضعف والعجز في الممارسات اليومية لادارة الاعمال                      .
من جانب أخر أن مسؤولية مجلس معايير المحاسبة الدولية والتزامها في الاستجابة وبطريقة عاجلة ومسؤولة لمتطلبات المرحلة الراهنة لمواجهة هذه التغيرات الحاصلة في العالم ،قد كانت واضحة وبشكل جلي من خلال التعديلات والقرارات الجديدة التي اصدرها المجلس ،لتتماشى مع الاوضاع الراهنة . وعليه يمكن القول وبشكل مختصر بأن الازمة المالية قد أبرزت ثلاثة دروس رئيسية لمقرري وواضعي المعايير المحاسبية:                                                                                            .
1.  ان الطبيعة المتكاملة لاسواق رأس المال ، الى جانب حركة رأس المال في حد ذاته       يسلط الضوء على الحاجة الملحة الى وجود مجموعة معايير محاسبية مقبولة    .
2.  لقد أخفقت المؤسسات المالية والمستثمرين وواضعي النظم في فهم كاف للمخاطر المحدقة التي تواجههم ، والمحاسبة بأدواتها يجب أن تلعب دوراً ريادياً ومهماً في مساعدة  كافة الاطراف في هذه الازمة ، وتبعاً لذلك هناك حاجة ماسة لتوفير الشفافية بالنسبة للمخاطر التي تواجهها المؤسسات وخاصة المالية منها ،والاجراءات  المتخذة بشأن تذليلها وحلها ، ومحاولة توفير معلومات مفيدة وذات معنى للمستثمرين والمستفيدين بشكل عام وكذلك لواضعي الانظمة والتعليمات                             .   
3. أن قواعد المحاسبة المالية تخلق العديد من الخيارات ، التي تقلل من قابلية               المقارنة وتضيف تعقيدات  لا داعي لها ، وتبعاً لذلك هناك حاجة ماسة وملحة            الى معالجة الادوات المالية من الحد من التعقيد وتعزيز أمكانية المقارنة وأهميتها      وكذلك توفير أساس لتلاقي مختلف أقطار العالم                      .                          من المفيد هنا الاشارة الى ان التصريحات التي أدلى بها بعض مسؤولي مجلس         معايير المحاسبة الدولية مؤخراً تشير الى أن المجلس مهتم جداً بصدد أتخاذ             أجراءات لتذليل جميع الاشكالات المشار اليها أعلاه                          .                                                              
لقد أكدت الازمة المالية الراهنة على أن وضع مجموعة معايير عالمية أمر مهم للغاية وقد أكدت أيضاً على الدور الفعال لمعايير المحاسبة الدولية أكثر من أي وقت مضى، وهناك حاجة ماسة وملحه  لتطبيق مجموعة واحدة من المعايير المحاسبية في جميع أنحاء العالم                                                                                            .
من الجدير بالذكر هنا أن الدول الاوربية سبق وأن أعترفت قبل غيرها من البلدان وفي وقت سابق بهذه الاهمية التي توفرها وجود معايير عالمية موحدة. فمن الواضح ان دور دول الاتحاد الاوربي  كان عاملاً أساسياً ورائداً في هذا المجال ، خاصة عند أعتماده أو تبنيه للمعايير الدولية للتقارير المالية في العام 2005 .                         
اليوم أكثر من 100 بلد يطبق أو مخول لاستخدام معايير الاقرار المالي الدولية وكذلك أقتصاديات رئيسية في اسيا ومنها اليابان ،وفي شمال أمريكا (كندا) والمكسيك ،وفي جنوبأمريكا ( ألارجنتين ،البرازيل ,شيلي ) قد حددت جدولاً زمنياً نحو أعتماد كامل للمعايير الدولية الاقرار المالي ، من ناحية أخرى خلق هذا الجانب حافزاً للولايات المتحدة لاستخدام هذه المعايير وذلك عندما قامت بأزالة التسوية المطلوبة سابقاً والخاصة بمبادئ المحاسبة القبولة عموماً المطبق في الولايات المتحدة . أي بشكل واضح يتبين بأن الولايات المتحدة تسير على الطريق المؤدي الى أعتماد المعايير الدولية  للاقرار المالي ، ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا ، متى سيتم ذلك؟   
أن مجلس معايير المحاسبة الدولية يواصل التعامل مع مجلس معايير المحاسبة المالية، حيث تم في أذار عام 2009 عقد أجتماعاً مشتركاً في لندن بموجبه شدد مجلس معايير المحاسبة الدولية تمسكه بألالتزامات الواردة بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بينهما ، حيث من المؤمل بعد الانتهاء من العمل المشترك مع مجلس معايير المحاسبة المالية سوف يؤدي الى تقارب كبير مع معايير المحاسبة في الولايات المتحدة وبهذا سوف يقلل من تكلفة الانتقال بين الاسلوبين ، لكن أيضاً هناك تساؤلاً لايزال مطروحاً، وهو هل أن هذا الاجراء سيكون كافياً لقبول الولايات المتحدة بمعايير المحاسبة الدولية السارية المفعول؟                                                               
الاعتقاد السائد هو أنه من مصلحة الولايات المتحدة أعتماد معايير الاقرار المالي الدولية في السنوات الخمسة المقبلة ،لآن كل من البرازيل وكندا والصين والهند واليابان وكوريا قد أعتمدت المعايير أعلاه بالاضافة الى دول الاتحاد الاوربي التي هي حالياً تطبق هذه المعايير، لذا فأن كلفة عدم التزام الولايات المتحدة بتطبيق هذه المعايير ستكون باهضة الثمن عليها. ففي حالة عدم أعتمادها للمعايير الدولية ، ستعتبر حالة شاذة قياساً بالمجتمع الدولي ، وأن هذه الدول والاقطار العديدة التي أعتمدت المعايير الدولية سوف لن تقبل موقف الرفض المستمر الذي تبنته وتعتمده الولايات المتحدة والى أجل غير مسمى! عليه يجب أن يتم مناقشة الامر بنوع من الجدية والموضوعية .                                                                                
أن الازمة المالية ودور مجلس معايير المحاسبة الدولية في هذا المجال يعطينا الفرصة للتطرق الى البدايات الاولى للازمة المالية والتي بدأت مع أنفجار سوق العقارات في الولايات المتحدة . والتدهور السريع في سوق رأس المال ، كما بدأت البنوك الابلاغ والاعلان عن الخسائر الضخمة الناجمة عن قروض الرهن العقاري ، ان عدم اليقين أصبح سمة السوق المالية ،لانه لاأحد يعرف من كان يحتفظ وبماذا ! لقد فقد السوق مصداقيته ، ونتيجة عدم سداد الديون وأنعدام تحصيلها ، دعى الامر الى عجز البنوك عن الاستمرار بأقراض بعضها البعض ، كما شددت الاجراءات الائتمانية لجميع العملاء ، وأوقفت الشركات  أستثماراتها , وأخذت أسواق المال والاسهم في العالم تحقق أنخفاضاً مستمراً في تعاملاتها اليومية ، وبدات صناديق التقاعد والمعاشات والتي تعتبر من أكبر مصادر تمويل البنوك ومؤسسات الاقراض برؤوس اموال لاعادة أقراضها ، بدأت بفقدان كميات هائلة من قيم موجوداتها ، والعديد من الوظائف فقدت نتيجة تسريح العديد من العاملين الناجمة عن أغلاق العديد من المصانع والمؤسسات أعماالها وبذلك انعدمت القدرة الشرائية لديهم ،( وما تبعها من مشاكل أجتماعية لاحصر لها والتي ليست موضوع بحثنا هنا).                                                   
كانت هناك أزمة مالية عارمة في جميع أنحاء العالم ، بالرغم من أختلاف وقعها وأثارها من بلد الى اخر ،حيث بدأت المصارف تعاني من شحة ألاموال للاستمرار بممارسة نشاطاتها وفعالياتها المصرفية المعتادة!                                             
أذن من كان وراء الازمة ، وكيف حدثت هذه المشكلة؟                                        
لقد بدأت أصابع الاتهام توجه الى كافة الاتجاههات ، وفجأة بدأت توجه بشكل محدد الى دور المحاسبة في خلق  أو على أقل تقدير المساهمة في هذه الازمة ،خاصة بعد أن زجت مع  بعض العبارات المتعلقة بتقلبات الدورة الاقتصادية والتي تعتبر العدو القديم ، فقد تم التركيز على مبادئ القيم العادلة للمحاسبة بعد أن عادت الى الحياة مرة أخرى ، وكذلك أعتبر عرض التقارير المالية والمعايير المحاسبية جزءاً رئيسياً من أجزاء الازمة المالية الراهنة.                                                                       
عليه وبما أن الفرضية أعلاه حشرت المحاسبة ضمن ألاسباب المؤدية للازمة المالية العالمية ، وأذا ما سلمنا بمصداقية بعض مما جاء بهذه الفرضية ،أي اذا كانت المحاسبة فعلاً سبباً للازمة ، فهناك سؤال اَخر يفرض نفسه هنا ، وهو ما هو حجم الازمة الناجم عن المحاسبة بالذات؟ بطبيعة الحال ان الاجابة على هذه االتساؤل  ليست بالعسيرة على المتابع لاحداث الازمة المالية العالمية، حتى لو أفترضنا بأن للمحاسبة دور في هذه الازمة فأنه بطبيعة الحال قليل جداً ان لم يكن معدوم الاحساس.             
البعض يعتقد بأن قواعد المحاسبة الحالية تعزز من تقلبات الدورة الاقتصادية وهذا الجانب صحيح من ناحية ، لكن أيضاً يمكن االقول بأن التقارير المالية والتي  توفر المعلومات والبيانات للمستفيدين منها ،تتطلب منهم التعامل معها بحسب احتياجاتهم وردود أفعالهم ، فمن البديهي بأن الشفافية والمصداقية والحياد الواجب توافرها في هذه المعلومات والبيانات، تجعل منها فعلاً عوامل تساعد على تقليل عدم المصداقية وتعزز الاستقرار المطلوب. ومن المتعارف عليه ان المعلومات والبيانات المالية يجب أن تكون غير منحازة وشفافة لكي تكون ذات فائدة لمستخدميها وهي من المبادئ المحاسبية المتعارف عليها ، وهذا بطبيعة الحال هو الدور الذي تضطلع به التقارير المالية أوتقارير الابلاغ المالي للبيانات .                                                         
لاينكر ان لمعايير المحاسبة الدولية  الدور الفعال والهام في توفير الارضية المهنية للتطبيق ، وأيضاً لاينكر أن الازمة المالية الحالية أعطت دروس عديدة يمكن أن يستخلص منها فرضيات وبالتالي قواعد ثابتة للتطبيق العملي ، ومن الملاحظ أيضاً فقد تم اتخاذ عدد غير مسبوق من الخطوات الفعالة من قبل مجلس معايير االمحاسبة الدولية ، ومن الجدير بالاشارة هنا أن المجلس يعي بوضوح مهمة وجود الحاجة الماسة الى تحسين وتحديث العديد من معاييره السارية المفعول ، وفعلاً ان المجلس بصدد أتخاذ أجراءات لازمة لتحقيق ذلك . ان نهج مجلس معايير المحاسبة الدولية في معالجة الاختناقات كان سريعاً وقياسياً حيث أستهدف القضايا الحقيقية التي أثارتها الازمة .ان التقرير المالي لايزال ينعت بصفة عدم اليقين بمحتوياته وخاصة بشأن المخاطر المحدقة بالمؤسسات ومركزها المالي ، ففي بداية ظهور الازمة المالية الراهنة كانت هناك اصوات تنادي بالمطالبة بالمزبد من الشفافية ، خاصة فيما يتعلق بمخاطر فقرات ميزان المراجعة ، وموضوع مقاييس القيمة العادلة وأستخداماتها ، هذه الدعوات وفي وقت لاحق تلتها مخاوف بشأن الاستقرار المالي ودعوات لمزيد من المقارنة والمكافئة وتقليل التعقيد في أدوات المحاسبة المالية .علماً بأن التقرير المالي وعلى الغالب يتعلق بحجم المؤسسة سواء كانت صغيرة أومتوسطة أو كبيرة وليس حسب شكل المؤسسة ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر فان التقارير المالية وحسب النظام المحاسبي البريطاني تشمل كل من : تقرير مجلس الادارة ، حساب الارباح والخسائر، الميزانية العمومية، قائمة التدفق النقدي ، قائمة أجمالي المكاسب والخسائر المعترف بها ، قائمة السياسات المحاسبية ، الملاحظات المتعلقة بالقوائم المالية وأخيراً تقرير المراجع. وهذا التصنيف بطبيعة الحال يختلف من بلد الى أخر وحسب النظم المتبعة!!                                                                              

Post a Comment

Previous Post Next Post